نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منتصف نوفمبر 2012 الذي توج بهدنة بين حركة "حماس" وإسرائيل واعتبرتها حركة "حماس" نصرا لها ولنهج المقاومة، ثم التصويت لصالح قرار فلسطيني يمنح فلسطين صفة دولة مراقب وهو ما اعتبرته منظمة التحرير نصرا لنهجها السياسي السلمي، كلا الحدثين استنهضا حالة شعبية وحدوية في الضفة وغزة باتت معه الانتفاضة المفتوحة على كل الاحتمالات وشيكة الوقوع بدون إذن من أحد.
هذان الحدثان رفعا سقف التوقعات الشعبية بقرب إنجاز المصالحة، وخصوصا أن مباركة حركة "حماس" خطوة الرئيس بالذهاب إلى الأمم المتحدة لها دلالة سياسية حيث تضمر اعترافا من حماس بهدف الدولة في قطاع غزة والضفة،كما أن الهدنة التي وقعتها "حماس" بوساطة مصرية تتضمن رسائل سياسية وخصوصا فيما يتعلق بوقف (الأعمال العدائية) بين الطرفين – غزة وإسرائيل- حيث تضمر وقف المقاومة أو الأعمال المسلحة وهذا احد مطالب أو شروط الرباعية للاعتراف بحكومة تشارك فيها حركة "حماس". وسط الفرحة بالنصر والتفاؤل بالمصالحة تبرز إشكالات جديدة ستضاف إلى الإشكالات القديمة حول التمثيل والمرجعيات والمصالحة قد تؤدي لتغيير أولويات القوى السياسية ومفهومها للمصالحة دون التراجع عن مبدأ المصالحة. إنجاز حركة "حماس" عزز من حضورها وسيطرتها على قطاع غزة بل جعل دولة غزة أمرا واقعا بعد تدفق كبار الزوار للقطاع بدون تنسيق أو حتى علم منظمة التحرير والسلطة، وهو إنجاز نقل شرعية سلطة حركة "حماس" في القطاع من شرعية انقلابية ناتجة عن انقلاب دموي لتصبح سلطة تستمد شرعيتها من صمودها ومواجهتها للعدوان ومن التفاف شعبي وعربي حولها تعترف به حتى قيادة منظمة التحرير التي باركت لحركة "حماس" انتصارها وأوفدت قياداتها للمشاركة في احتفالات النصر والانطلاقة التي ترأسها السيد خالد مشعل، كما أن حركة "حماس" استطاعت استيعاب القوى السياسية في القطاع بوسائل متعددة كما أنها خففت من ممارساتها القمعية لمعارضيها ووفرت حالة من الأمن للمواطنين. في الجهة الأخرى، فإن (نصر) الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة هو حصيلة دبلوماسية الرئيس أبو مازن وكذلك حصيلة التعاطف الدولي مع معاناة الفلسطينيين وصمودهم في مواجهة الممارسات العدوانية الإسرائيلية في القطاع والضفة، وهي أمور وظفها الرئيس أبو مازن في خطابه قُبيل التصويت على القرار. النصر السياسي في الأمم المتحدة سيفرض تحديات على منظمة التحرير ومجمل النظام السياسي، فإن كان عزز من موقف الرئيس أبو مازن ومن خيار السلام الذي يؤمن به إلا أنه سيؤدي تدريجيا إلى تهميش دور المنظمة بحيث ستصبح (الدولة) مرجعية للفلسطينيين كما أن دول العالم ستنحو نحو مزيد من التعامل مع مؤسسات الدولة كممثل للشعب بدلا من منظمة التحرير، وسيفرض على منظمة التحرير والسلطة في رام الله مزيدا من التمسك باستحقاقات السلام ونبذ العنف. بالإضافة إلى ما سبق فإن الاعتراف بفلسطين دولة مراقب سيطرح إشكالات قانونية وسياسية ذات صلة بمكانة منظمة التحرير ودورها المستقبلي وعلاقتها بالدولة من جانب وبالسلطة من جانب آخر. ومع ذلك نقول إن القضية الفلسطينية تعيش هذه الأيام لحظة تاريخية، فحالة التأييد العالمي غير المسبوق لعدالة القضية الفلسطينية والتحولات العربية من حولنا، وحالة النهوض الشعبي الفلسطيني في كل مناطق تواجدهم، والمأزق الذي تعيشه إسرائيل بسبب كل ذلك، تمنح القيادة الفلسطينية – منظمة التحرير وحركة حماس- فرصة تاريخية عليهم اهتبالها قبل فوات الأوان – المنطقة العربية والنظام العالمي يعرف حالة سيولة تجعله قابل للتغيير بسرعة -، من خلال تنفيذ اتفاقية المصالحة، مع إمكانية التصرف في بعض التفاصيل، بدون مزيد من إضاعة الوقت في إعادة النظر بمواقف يرى البعض أن انتصاره يمنحه أكثر مما تمنحه التفاهمات السابقة، ولنجعل من نصر غزة العسكري مدخلا لاستكمال النصر السياسي الذي تحقق في الأمم المتحدة، وليس بديلا أو معيقا له. ونعتقد أن المناخ المتوفر الآن وخصوصا في قطاع غزة يسمح بأن ينعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير في قطاع غزة ولو في جلسة سريعة تعزز روح المصالحة وبعدها يمكن الانتقال لأي مكان آخر. * أكاديمي فلسطيني يقيم في قطاع غزة. - Ibrahemibrach1@GMAIL.COM اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
×
احتباس النشر والمواءمة والمساواة- إحاطة أولية بنقاش تقرير ‘سيداو’
أثارت ملاحظات المجتمع المدني على أداء الفريق الوطني في اجتماع لجنة اتفاقية القضاء
على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حفيظة الجهات الرسمية المعنية. لا غرابة في ذلك،
أمر مستوْعَب في الحالة الفلسطينية الداخلية، لا يُهضم النقد جملةً وتفصيلاً.
لم تخرج الملاحظات التي أبداها المجتمع المدني عن الموضوعية. من خلال الاطِّلاع على الأدبيات المصاغة على يد الفريق الحكومي: التقرير الوطني والرد على قائمة الأسئلة المقدمة من قبل لجنة الاتفاقية والطروحات والردود المقدمة على الأسئلة الجديدة المطروحة في الجلسة السبعين المنعقدة مع لجنة الاتفاقية في مقر الأمم المتحدة في «جنيف». جميع الملاحظات التي طرحها المجتمع المدني جديّة وحقيقية وتحليلية ومعرفيّة. أذكر أن وفود المجتمع المدني إلى الاجتماع مع لجنة الاتفاقية ذهبت وهي محمَّلة بالمخاوف والقلق، بسبب احتباس الإرادة السياسية كما اُخْتُبِرتْ في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني (نيسان- أيار 2018)، والامتناع عن تنفيذ قرارات المجلس المركزي المتخذة في اجتماعاته المنعقدة في عامي 2015 و 2018، تلك القرارات المعززة لمشاركة المرأة القاضية بتخصيص مقاعد للمرأة في جميع بُنى ومؤسسات الدولة بنسبة 30% من المقاعد. أضاع المجلس فرصة نظامية مُتاحة لوْ توفرت المصداقية، واختتم الاجتماع دون وضع الصيغة لتجسيد القرار. في النتيجة، احتقان وفجوة وأزمة ثقة بين المؤسسات النسوية والطبقة السياسية. عُقد أكثر من اجتماع مع لجنة الاتفاقية بينما الأسئلة المهمة معلَّقة على إرادة متداعية. سؤال نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية بالاستناد إلى القانون الأساسي الفلسطيني المُعدل. سؤال التوجه نحو المواءمة بموجب الانضمام للاتفاقية والمرجعيات المحلية ممثلة بإعلان الاستقلال والقانون الأساسي. سؤال قرار المحكمة الدستورية (تشرين الثاني 2017) الذي قررت بموجبه "سموّ الاتفاقيّات الدولية على التشريعات المحلية بما يتواءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني." في الجلسة السبعين؛ سمعنا بعض الإجابات على الأسئلة المبدئية التي تلخص نوايا الجهة الرسمية، إجابات أعادتنا إلى الحالة المتشكلة ما قبل الانضمام الفلسطيني المُمَيَّز إلى الاتفاقية دون تحفظ. سابقة عربية جديدة من نوعها في حساب البيدر بينما تتكشف الحقيقة بعد زوال القشرة اللامعة مخلفة بقاء المحتوى على حاله. الردود التي تقدم بها الفريق الحكومي لم تكن وليدة اللحظة، أكدت التخوفات من أن التوقيع لم يتعدَّ كونه توقيعاً سياسياً مع جملة من الاتفاقيات والمعاهدات. وهي الردود التي تخلخل أساس الاتفاقية، وتهزّ بشدة ركائزها وحجر رحاها ممثلاً بالمساواة دون انتقاص. ولغايات الاقتراب من الواقع كما هو البعيد عن الانطباعات نطرح ما سمعناه في الاجتماع مع الفريق الحكومي بحضور صامت للمجتمع المدني: أولاً: قالوا إن الاتفاقية لن يتم نشرها إلا بعد استكمال عملية مواءمة. عدم النشر يلغي التزامات الدولة تجاه التوقيع والمصادقة وفق القانون الأساسي. يحول الانضمام إلى شبح يمكن أن يحضر شكلاً في الخطاب ويختفي فعلياً في الجوهر. استخدام الاتفاقية شبيه بالملابس التي يتم ارتداؤها على وجْهَيْها، التجمل بأحد الوجهين أمام المجتمع الدولي، وطمأنة الاتجاهات السلفية المحلية ونيل الرضا في الوجه الآخر. ثانياً: قالوا إنه لن يتم التعامل مع مبدأ المساواة، بل سيتم إدماجه في عملية المواءمة دون ذكر المصطلح بالاسم! بما يعني إبقاء التمييز ضد المرأة وضَرْب أساس الاتفاقية وجوهرها ومحتواها بدءاً من عنوانها: مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة..؟! ثالثاً: قيل إن الحكومة طلبت رأياً تفسيرياً لقرار المحكمة الدستورية حول قرار المحكمة الدستورية واشتراطها اتفاق عملية المواءمة مع الهوية المحلية. تم تجاهل السجال الجاري في فلسطين حول قانونية قرار المحكمة المتهم بمعارضة القانون الأساسي وصلاحيات المحكمة. علاوة على أن القرار بحد ذاته يُعَدُّ بمثابة تحفظ عام على الاتفاقية وعلى مقاصدها الحقوقية، بل يندرج في إطار التجزئة وانتقائية التعامل المزدوج مع الاتفاقيات الدولية. ما سبق غيض من فيض من ملاحظات المجتمع المدني على أدبيات الحكومة وردودها. وفي التفاصيل حيث تختبئ الشياطين يوجد ما يُقال. لكن لا يمكن إغفال أن النقاش والسجال صِحّي، لكنه حوار عن بُعْد؛ يفتقد إلى القنوات المنظمة بما يوصل السياق الداخلي إلى حالة مشحونة بالاصطفاف والاحتقان والشخصنة الضّارة. والأسوأ انه يفتعل التصادم بين المرجعيات دونما سبب إلا تعالي أطراف المصلحة على الواقع. بعد عامين سنكون على موعد جديد مع تقرير جديد، يرصد التقدم المُحْرز المحدد ضمن المؤشرات المهنية يُجيب على توصيات اللجنة وملاحظاتها المنبثقة على أثر اجتماع «جنيف». وبقناعتي، حَرِيٌ بالمعنيين في المستوى الرسمي الذهاب الى النقاش مع المجتمع المدني لتحديد اتجاه البوصلة، وقف التصادم بين المرجعيات التي تتمتع جميعاً بالمقاصد والمبادئ الحقوقية: الكرامة والعدالة والمساواة للجميع..هذا ما تنادي به نساء البلد وأن يمثل أمام لجنة الاتفاقية المؤسسة السياسية التنفيذية والتشريعية والمؤسسة الدينية، القابضين على بالقرار. بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
×
نميمة البلد: والمسكوت عنه في الوطني... المرأة وفشل المجلس الوطني
(1) فشل المجلس الوطني فشل المجلس الوطني مرتان، الأولى قبل أن تنفض جلساته وقبل قراءة وإعلان بيانه الختامي في التعاطي مع قرارات المجلس المركزي الخاصة بالكوتا النسوية، بضمان تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% في جميع مؤسسات منظمة التحرير ودولة فلسطين، وابقاءه في حالة "التوهان" بترحيله الى وضع اليات التنفيذ، وكأن قرار المجلس المركزي يحتاج الى اليات لا يستطيع وضعها المجلس الوطني أو أن قمة الهرم في منظمة التحرير غير مواتية لوجود النساء. والثانية لعدم قدرته تنفيذ قراره سواء في تضمين البيان الختامي للفقرة التي تم إقرارها والمتعلقة بصرف رواتب موظفي قطاع غزة "فورا" أو قرار الرئيس المعلن في الجلسة الختامية. وهنا الفشل سياسي أكثر منه اجرائي بحيث لا يتم التعامل مع المجلس الوطني باعتباره السلطة التشريعية الأعلى للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجه من قبل السلطة الحاكمة. وهي تعيد الأحجيات السابقة المتمثلة "مَنْ مرجعية مَنْ المنظمة أم السلطة". (2) المسكوت عنه في المجلس الوطني صدر البيان الختامي للمجلس الوطني صباح الجمعة الفارطة دون ذكر للنقاشات او السجال المتعلق بتوسع صلاحيات المجلس المركزي الفلسطيني بحيث يتولى جميع مسؤوليات المجلس الوطني الفلسطيني أي أن يصبح بديلا عن المجلس الوطني لتكريس مقولة أن هذا آخر مجلس الوطني، أو مدة ولايته أو توسيع صلاحياته ليحل محل المجلس التشريعي، وفي ظني أن البعض لا يعلم ان المجلس المركزي يتولى جميع الصلاحيات بين دورتي انعقاد المجلس الوطني، بقرار من المجلس الوطني في دورته السابعة عشر المنعقدة في العام 1984، باستثناء الصلاحيات الخاصة بانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وتعديل النظام الأساسي والميثاق الوطني، وإلغاء قرارات المجلس الوطني. تبنى البيان الختامي للمجلس الوطني قرارات المجلس المركزي الصادرة في العام 2015 وكذلك في منتصف شهر كانون ثاني/ يناير من ذها العام. لكن دون تقديم آلية واضحة أو تحديد آجال محددة. الامر الذي يبعث على الدهشة إذ لم تنفذ اللجنة التنفيذية السابقة قرارات المجلس المركزي آنذاك! فهل لها أن تنفذ اللجنة التنفيذية الجديدة هذه القرارات؟ في حين أن البنية والتركيبة السياسية للجنة الجديدة لم يحدث فيها تغييرا جوهريا كما أن المجلس الوطني لم يحدث الانعطافة السياسية أو التغيير في المسار السياسي. النقاش الذي جرى على ارتفاع متوسط عمر أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة في المقال الأسبوع الذي جاء تحت عنوان "68 سنة متوسط اعمار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة"؛ بكل تأكيد المسألة ليست بالسنوات ذاتها لكن بما تحمله من تبعات، فكما ذهبت إليه الصديقة المقدسية غادة الزغير في تعليقها، "أن هناك علاقة طردية بين السن والاستعداد للتغيير "أو المخاطرة" وكلما ارتفع العمر كلما مال الشخص نحو المحافظة على ما هو قائم وطلب الستر والمشي جنب الحيط تحت مسمى الحكمة، وكذلك المحافظة على الامتيازات التي يتمتع بها" وهي طبيعة بشرية في علاقة الكبار في العمر ليس فقط في الحياة العامة بل في الحياة الخاصة. ملاحظة: ورد خطأ في مقال الأسبوع الماضي أن 27% من أعضاء اللجنة التنفيذية هم من اللاجئين فيما ان النسبة هي 40%. وفي كل الأحوال فإن القراءة المقدمة في المقال الفارط تفتح الافاق لقراءة معمقة لتركيبة أعضاء اللجنة التنفيذية ليس فقط اللجنتين الأخيرتين بل لجميع اللجان التي تم اختيارها لقيادة الشعب الفلسطيني لفهم التحولات السيسولوجية في إحدى أهم مؤسسات النخبة السياسية الفلسطينية.
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
×
اليكم عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة
أفاد الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد العاطلين عن العمل في 2017 بلغ حوالي 364 ألف شخص، بواقع 146 ألفا في الضفة الغربية، و218 ألفاً في قطاع غزة، وبلغ معدل البطالة في فلسطين 27.7% في العام 2017، وما يزال التفاوت كبيرا في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ في قطاع غزة 43.9%، مقابل 17.9% في الضفة الغربية. ونوه في بيان استعرض خلاله الواقع العمالي في فلسطين 2017، عشية الأول من أيار، عيد العمال العالمي، إلى أن الارتفاع في معدلات البطالة للنساء أكثر منه للرجال مع زيادة هذه الفجوة في الأعوام الأخيرة، حيث بلغ المعدل للذكور 22.5% في العام 2017، بينما بلغ معدل البطالة للإناث 47.8% للعام ذاته. وجاء في البيان: مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 4 أضعاف مشاركة النساء بينت النتائج بأن نسبة القوى العاملة المشاركة في فلسطين للأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 45.3% في العام 2017، ومن الواضح أن الفجوة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث ما زالت كبيرة، حيث بلغت نسبة مشاركة الذكور 70.9%، مقابل 19.0% للإناث في العام 2017، وبلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 45.3% مقابل 45.1% في قطاع غزة. 666 ألف عامل مستخدمون بأجر يقدر عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر من فلسطين 666 ألف عامل، بواقع 333 ألف عامل يعملون في الضفة الغربية و221 ألف عامل يعملون في قطاع غزة و92 ألف عامل يعملون في إسرائيل و20 ألف يعملون في المستوطنات. بينما بلغ عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص 351 ألف عامل من فلسطين؛ بواقع 231 ألف عامل من الضفة الغربية، و120 ألف عامل من قطاع غزة. القطاع الخاص هو القطاع الأكثر تشغيلاً في فلسطين 52.7% من المستخدمين بأجر في العام 2017 يعملون في القطاع الخاص، بينما بلغت نسبة المستخدمين بأجر في اسرائيل والمستوطنات 16.8%، في حين بلغت النسبة للقطاع العام 30.5% في العام 2017. أكثر من نصف المستخدمين بأجر يعملون في القطاع الخاص بواقع 52.0% في الضفة الغربية و54.3% في قطاع غزة مقابل 22.9% يعملون في القطاع العام في الضفة الغربية و45.7% في قطاع غزة، في حين 25.1% من المستخدمين بأجر في الضفة الغربية يعملون في إسرائيل والمستوطنات. حوالي ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون في مهن فنية ومتخصصة بلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يعملون في مهنة الفنيين والمتخصصين 23.6% من فلسطين؛ 14.4% للذكور مقابل 67.6% للاناث. في حين بلغت النسبة للمستخدمين العاملين في الحرف وما اليها من المهن 17.0%؛ 20.0% للذكور مقابل 2.3% للاناث. معدلات أجور حقيقية متدنية في القطاع الخاص بلغ معدل الأجر اليومي الحقيقي (سنة الأساس= 2010) للمستخدمين بأجر في القطاع الخاص في فلسطين حوالي 71 شيقل في العام 2017 ، حيث بلغ الأجر الحقيقي في قطاع غزة حوالي 44 شيقل، بالمقابل بلغ الأجر الحقيقي حوالي 84 شيقل في الضفة الغربية (لا يشمل العاملين في اسرائيل والمستوطنات). سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص في الضفة الغربية بمعدل 106 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بواقع 96 شيقل، أما في قطاع غزة فقد سجل قطاع الخدمات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص بمعدل 71 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بمعدل 42 شيقل. بينما سجل قطاع الزراعة أدنى معدل أجر يومي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بواقع 65 شيقل و24 شيقل على التوالي. حوالي 36% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقل) في فلسطين 16.2% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في الضفة الغربية يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر أي 37,500 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 1,079 شيقلاً في العام 2017. أما في قطاع غزة فقد بلغت النسبة 74.0% أي 88,800 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 731 شيقلاً. في سياق متصل، بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للمستخدمين بأجر حوالي 42 ساعة عمل؛ 40 ساعة للمستخدمين بأجر في القطاع العام و43 ساعة في القطاع الخاص خلال نفس العام. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد 21.8% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد أو مكافأة نهاية الخدمة، و21.8% يحصلون على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، و21.0% يحصلون على إجازات مرضية مدفوعة الأجر، و35% من النساء العاملات بأجر يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر. أكثر من ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقود عمل 25.4% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقد عمل في فلسطين؛ 26.2% في الضفة الغربية و23.9% في قطاع غزة في العام 2017. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص منتسبين لنقابات عمالية/ مهنية 17.4% من المستخدمين بأجر منتسبين الى نقابات عمالية/ مهنية في فلسطين؛ 12.4% في الضفة الغربية و29.6% في قطاع غزة في العام 2017.
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2013/1/5
×
غزة تستنهض الوطنية الفلسطينية مجددا
مع أنني لست من رواد المهرجانات والمظاهرات إلا أن سماح حركة حماس بإحياء ذكرى انطلاقة فتح في قطاع غزة بعد سنوات من الممانعة شكلت عندي حالة فضول للخروج والمشاركة في حدث قد يكون خطوة في طريق المصالحة الوطنية، وأشاهد كيف سيكون الاحتفال وحجم المشاركين بعيدا عن تقديرات ذوي الشأن، وخصوصا أن الأحزاب باتت تقيس قوتها وحضورها ليس بقدر ما تنجز في طريق التحرير والاستقلال بل بقدر ما تحشد في المهرجانات.
بعيدا عن التعصب لرأي أو حزب أو أيديولوجيا أقول بكل صدق إن مهرجان إحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في ساحة السرايا في غزة يوم الجمعة الموافق 04/01/2013 لم يكن مجرد مهرجان كبقية المهرجانات أو إحياء لذكرى انطلاقة حزب، بل حدث له دلالات سياسية عميقة. فلم أشاهد طوال حياتي وعبر تاريخ القضية الوطنية وفي كل أماكن تجمعات الفلسطينيين مهرجانا أو تجمعا فلسطينيا بهذا الحجم، ومن يقول إنها تظاهرة مليونية لم يكن مبالغا، بل هو توصيف لا يعبر عن الحقيقة. فإن كان القول بالمظاهرة المليونية في دول تعدادها تسعون مليون نسمة كمصر أو عشرات الملايين كاليمن وليبيا وتونس يعتبر حدثا مهما فإن خروج مليون في منطقة يقل سكانها عن مليونيين هو أكبر من حدث، إنها ظاهرة تحتاج لدراسة معمقة لفهم ما جرى. ساحة السرايا التي هي ضعف ساحة الكتيبة حيث تعودت حركة حماس إحياء مناسباتها امتلأت بالكامل، وكان عدد من احتشدوا في الشوارع الجانبية المحيطة بالسرايا أضعاف من كانوا داخل السرايا، واتشحت الساحة وشوارع غزة وسياراتها وأسطح منازلها برايات فتح وعلم فلسطين. أطفال وفتيات ونساء وشيوخ وشباب تدفقوا إلى مدينة غزة وإلى ساحة السرايا حتى يخال المرء أن بيوت قطاع غزة أُفرِغت من ساكنيها. يقينا لم يكن كل من خرجوا من أبناء تنظيم حركة فتح، ولم يخرجوا بتعليمات من التنظيم بل كانوا أناسا من مشارب شتى، إنهم أبناء الفصائل والأحزاب الوطنية والمستقلين الذين يجمعهم الانتماء للمشروع والهوية والثقافة الوطنية، وحيث أن حركة فتح ليست سلطة حاكمة في غزة فإن الذين خرجوا يهتفون لفلسطين ولحركة فتح وللرئيس أبو مازن لم يخرجوا خوفا من السلطة أو طمعا بمغانمها، بل إيمانا بفكرة وتلبية لواجب، حتى أن كثيرين من الناس اشتروا رايات فتح من أموالهم الخاصة ودفعوا أجرة المواصلات من جيوبهم، ومن لم يملك الأجرة جاء سيرا على الأقدام وكثيرون باتوا في الساحة. الكل حمل راية فتح حتى وإن لم يكن من فتح لأن راية فتح مثلت الوطنية الفلسطينية، خرجوا مدفوعين بروح وطنية تم كبتها وخنقها وقهرها طوال سنوات. إذا انتقلنا من توصيف ما حدث إلى تفسيره فإن كثيرا من الرسائل والدلالات الأولية التي يمكن استخلاصها، وسنذكر بعضها ونؤجل الحديث عن البعض الآخر حتى لا نبدد فرحة الفرحين، ولا نزيد من تخوفات المتخوفين وحتى نبقي باب الأمل مفتوحا أمام المصالحة. الرسائل الأولى هي: 1- إن قطاع غزة كان وما زال منبع الوطنية الفلسطينية، فلا الاحتلال ولا أية أيديولوجيات (غير وطنية) يمكنها أن تغير من هوية وانتماء فلسطينيي القطاع. 2- الفلسطينيون الذين خرجوا في قطاع غزة لم يخرجوا من أجل دولة غزة أو من أجل رفع الحصار ولا لمساندة حزب حاكم، بل خرجوا من أجل فلسطين كل فلسطين، ورددوا الشعارات والهتافات الأولى لحركة فتح والثورة. 3- إن فلسطين لا يمكنها أن تقاد إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية وغيرها ستكون رايات دخيلة وعابرة إن لم تستدرك الأمر وتوطن نفسها وإيديولوجياتها. وأن الفكرة الوطنية التي تعبر عنها حركة فتح بقيادة الرئيس أبو مازن ما زالت العمود الفقري للوطنية الفلسطينية. 4- إن توَحُد القوى الوطنية في مهرجان السرايا وبهذا الحجم، يؤكد على أهمية وضرورة توحيد هذه القوى الوطنية في إطار جبهة واحدة، وهذه الجبهة موجودة ولكن تحتاج لتفعيل، وهي منظمة التحرير التي يجب أن تستنهض نفسها بفصائلها المتواجدة فيها حاليا قبل أن تتهيأ لتستوعب بقية القوى الإسلامية والوطنية. 5- إن في الوطنية الفلسطينية من الأريحية وسعة الصدر ما يُمَكِنها من استيعاب كل شرائح الشعب وأحزابه بكل توجهاتها السياسية والإيديولوجية، بينما أحزاب الإسلام السياسي لا يمكنها إلا أن تكون منغلقة على منتسبيها وعاجزة عن استيعاب الكل الفلسطيني، بل لا تستطيع أن تستوعب أحزاب الإسلام السياسي الأخرى أو تشترك معها في برنامج وإستراتيجية واحدة. 6- إن السلطة مفسدة للأحزاب الوطنية والجهادية، فشعبية حركة فتح في الضفة الغربية حيث تُحسب حركة فتح كحزب سلطة أقل بكثير من شعبيتها في قطاع غزة حيث توجد خارج السلطة، وكذا الأمر بالنسبة لحركة حماس، حيث شعبيتها في الضفة أكبر من شعبيتها في قطاع غزة حيث تحولت لحزب سلطة. 7- برز في المهرجان جيل جديد من الفتية والشباب لم يعايش الثورة الفلسطينية ولم يشارك في الانتفاضتين كما لم يشارك في الانتخابات الأخيرة عام 2006 التي منحت الأغلبية لحركة حماس، هذا الجيل رفع رايات فلسطين وفتح وردد شعارات الثورة، هذا الجيل بدد كل التخوفات التي كانت تنتابنا على الوطنية الفلسطينية وبدد التخوفات من أن تسود حالة اليأس والإحباط. ولكن... ومقابل ذلك نتمنى أن يتم استثمار ما جرى في صالح القضية الوطنية والمصالحة الوطنية، وأن لا يتم احتساب ما جرى وكأنه نصر لحزب على آخر بل يجب احتسابه نصرا لفلسطين وللوطنية الفلسطينية، كما نتمنى أن لا يغيب عن البال أن معركتنا الأساسية توجد في الضفة والقدس وليس في غزة فهناك يجب أن يكون الحشد واستعراض القوة في مواجهة الاحتلال وليس في مواجهة بعضنا البعض، وإن استنهاض الوطنية الفلسطينية في القطاع لا يهدف للحلول محل حركة حماس ولا حتى مشاركتها السلطة في غزة بل يجب أن يكون هدفها رفض الانقسام الجغرافي والسياسي والتأكيد على أن قطاع غزة ما زال خاضعا للاحتلال كالضفة الغربية الأمر الذي يتطلب توحيد جهود الجميع لمواجهة عدو مشترك. وكلمة أخيرة نقولها وقد سبق أن حذرنا منها سابقا، يجب الحذر كل الحذر من مخططات مشبوهة للبعض بأن يغطي على فشله وعجزه عن تحرير الضفة والقدس بادعاء انتصارات مهرجانية في قطاع غزة، والحذر من أن يتم توظيف استنهاض الحالة الوطنية في القطاع لتكريس صيرورة غزة كيانا قائما بذاته يتم الصراع على من يحكمه. تاريخ النشر: 2012/12/11
×
هل سيغير (الانتصاران) أولويات المصالحة؟!
نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منتصف نوفمبر 2012 الذي توج بهدنة بين حركة "حماس" وإسرائيل واعتبرتها حركة "حماس" نصرا لها ولنهج المقاومة، ثم التصويت لصالح قرار فلسطيني يمنح فلسطين صفة دولة مراقب وهو ما اعتبرته منظمة التحرير نصرا لنهجها السياسي السلمي، كلا الحدثين استنهضا حالة شعبية وحدوية في الضفة وغزة باتت معه الانتفاضة المفتوحة على كل الاحتمالات وشيكة الوقوع بدون إذن من أحد.
هذان الحدثان رفعا سقف التوقعات الشعبية بقرب إنجاز المصالحة، وخصوصا أن مباركة حركة "حماس" خطوة الرئيس بالذهاب إلى الأمم المتحدة لها دلالة سياسية حيث تضمر اعترافا من حماس بهدف الدولة في قطاع غزة والضفة،كما أن الهدنة التي وقعتها "حماس" بوساطة مصرية تتضمن رسائل سياسية وخصوصا فيما يتعلق بوقف (الأعمال العدائية) بين الطرفين – غزة وإسرائيل- حيث تضمر وقف المقاومة أو الأعمال المسلحة وهذا احد مطالب أو شروط الرباعية للاعتراف بحكومة تشارك فيها حركة "حماس". وسط الفرحة بالنصر والتفاؤل بالمصالحة تبرز إشكالات جديدة ستضاف إلى الإشكالات القديمة حول التمثيل والمرجعيات والمصالحة قد تؤدي لتغيير أولويات القوى السياسية ومفهومها للمصالحة دون التراجع عن مبدأ المصالحة. إنجاز حركة "حماس" عزز من حضورها وسيطرتها على قطاع غزة بل جعل دولة غزة أمرا واقعا بعد تدفق كبار الزوار للقطاع بدون تنسيق أو حتى علم منظمة التحرير والسلطة، وهو إنجاز نقل شرعية سلطة حركة "حماس" في القطاع من شرعية انقلابية ناتجة عن انقلاب دموي لتصبح سلطة تستمد شرعيتها من صمودها ومواجهتها للعدوان ومن التفاف شعبي وعربي حولها تعترف به حتى قيادة منظمة التحرير التي باركت لحركة "حماس" انتصارها وأوفدت قياداتها للمشاركة في احتفالات النصر والانطلاقة التي ترأسها السيد خالد مشعل، كما أن حركة "حماس" استطاعت استيعاب القوى السياسية في القطاع بوسائل متعددة كما أنها خففت من ممارساتها القمعية لمعارضيها ووفرت حالة من الأمن للمواطنين. في الجهة الأخرى، فإن (نصر) الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة هو حصيلة دبلوماسية الرئيس أبو مازن وكذلك حصيلة التعاطف الدولي مع معاناة الفلسطينيين وصمودهم في مواجهة الممارسات العدوانية الإسرائيلية في القطاع والضفة، وهي أمور وظفها الرئيس أبو مازن في خطابه قُبيل التصويت على القرار. النصر السياسي في الأمم المتحدة سيفرض تحديات على منظمة التحرير ومجمل النظام السياسي، فإن كان عزز من موقف الرئيس أبو مازن ومن خيار السلام الذي يؤمن به إلا أنه سيؤدي تدريجيا إلى تهميش دور المنظمة بحيث ستصبح (الدولة) مرجعية للفلسطينيين كما أن دول العالم ستنحو نحو مزيد من التعامل مع مؤسسات الدولة كممثل للشعب بدلا من منظمة التحرير، وسيفرض على منظمة التحرير والسلطة في رام الله مزيدا من التمسك باستحقاقات السلام ونبذ العنف. بالإضافة إلى ما سبق فإن الاعتراف بفلسطين دولة مراقب سيطرح إشكالات قانونية وسياسية ذات صلة بمكانة منظمة التحرير ودورها المستقبلي وعلاقتها بالدولة من جانب وبالسلطة من جانب آخر. ومع ذلك نقول إن القضية الفلسطينية تعيش هذه الأيام لحظة تاريخية، فحالة التأييد العالمي غير المسبوق لعدالة القضية الفلسطينية والتحولات العربية من حولنا، وحالة النهوض الشعبي الفلسطيني في كل مناطق تواجدهم، والمأزق الذي تعيشه إسرائيل بسبب كل ذلك، تمنح القيادة الفلسطينية – منظمة التحرير وحركة حماس- فرصة تاريخية عليهم اهتبالها قبل فوات الأوان – المنطقة العربية والنظام العالمي يعرف حالة سيولة تجعله قابل للتغيير بسرعة -، من خلال تنفيذ اتفاقية المصالحة، مع إمكانية التصرف في بعض التفاصيل، بدون مزيد من إضاعة الوقت في إعادة النظر بمواقف يرى البعض أن انتصاره يمنحه أكثر مما تمنحه التفاهمات السابقة، ولنجعل من نصر غزة العسكري مدخلا لاستكمال النصر السياسي الذي تحقق في الأمم المتحدة، وليس بديلا أو معيقا له. ونعتقد أن المناخ المتوفر الآن وخصوصا في قطاع غزة يسمح بأن ينعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير في قطاع غزة ولو في جلسة سريعة تعزز روح المصالحة وبعدها يمكن الانتقال لأي مكان آخر. * أكاديمي فلسطيني يقيم في قطاع غزة. - Ibrahemibrach1@GMAIL.COM تاريخ النشر: 2012/10/23
×
أمير قطر يقطع شعرة معاوية في غزة
يوما بعد يوم ينكشف مستور مخطط تدمير المشروع الوطني الفلسطيني على أشلاء فلسطين التاريخية ،مخطط صيرورة حل الدولتين إلى دولة الكيان الصهيوني التي تشمل الضفة والقدس من جانب وإمارة غزة الإخوانية من جانب ثاني. ففي الوقت التي تستباح فيه الضفة الغربية والقدس وفي الوقت الذي يتطلع فيه الفلسطينيون للشعوب العربية ولجامعة الدول العربية والعالم لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الاستيطان وإنقاذ مدينة القدس ، تأتي أخبار زيارة أمير قطر لغزة ،وهذا لعمري يعتبر التفافا على جوهر القضية الفلسطينية وهروبا من الاستحقاق المطلوب لمواجهة إسرائيل وواشنطن إن لم يكن إنقاذا لهما من الحرج ،وإلهاء للفلسطينيين بإمارة غزة وكفى المؤمنين شر القتال. زيارة أمير قطر وزوجته - إن تمت - ليست زيارة لأسباب إنسانية كما يزعم البعض،فتدشين مشاريع اقتصادية لا يحتاج بالضرورة لزيارات رؤساء دول،إنها زيارة غير بريئة ستكون تداعياتها السياسية أكثر خطورة من فوائدها الإنسانية حتى وإن كان عنوانها كسر الحصار.لو كان هدف الزيارة إنساني لتمت من خلال التنسيق الكامل مع الرئاسة الفلسطينية،لأن غزة جزء من شعب ووطن وليست كيانا قائما بذاته،وهذا الشعب عنوانه (حتى الآن) منظمة التحرير والرئيس أبو مازن، وهذا ما تعترف به جامعة الدول العربية وكل المنظمات الإقليمية والدولية،وحسب البروتوكول المعمول به في كل العالم زيارات رؤساء الدول لا تتم إلا من خلال الرئاسة ،ومهاتفة رفع العتب من أمير قطر للرئيس لا تكفي ،فحال الرئيس والسلطة والمنظمة ليس بالحال الذي يسمح لهم بالدخول في مواجهة مع قطر العظمى،وصمت الرئيس هو صمت العاجز وليس الموافق،وإن يطلب أمير قطر من الرئيس أبو مازن مرافقته لزيارة غزة فهذه إهانة بحق الرئيس ،فكيف لرئيس فلسطين أن يزور مدينة فلسطينية تحت عباءة وحماية زائر أجنبي حتى وإن كان أمير قطر؟ !. إن كان المال القطري يعمي بصيرة البعض الذين يمنحون ولاءهم لمن يدفع أكثر- بالأمس القريب تم رفع صورة مرسي وبعد أيام تم رفع صورة قطر ولا نعرف صورة مَن ستُرفع في شوارع غزة غدا - ،فالشعب الفلسطيني يعرف بوصلته وهو على درجة من الذكاء ليعرف كل ما يحاك بعيدا عن الخطاب الذي بات ممجوجا عن كسر الحصار ودعم الصمود.الشعب الفلسطيني يعرف أن غزة محتلة كبقية فلسطين ،وأن مشاكلها غير ناتجة عن الحصار فقط بل عن الاحتلال وعن ممارسات فاشلة لحكومة غزة ،وبالتالي من يريد دعم الشعب الفلسطيني في غزة فعليه أن يذهب مباشرة لسبب معاناته وهو الاحتلال والانقسام . إن كان أمير قطر يعتقد أنه من خلاله ملايينه ومشاريعه الموعودة سينال في غزة وسام البطولة والنصر مرصعا بعظام وأشلاء شهداء فلسطين سيكون واهما،فكل ملايينه لن تنسي الفلسطينيين أن غزة مجرد مدينة كبيرة في فلسطين وان القدس والضفة إن لم يكن الجليل واللد ويافا وحيفا أكثر أهمية وقدسية من غزة،شعب فلسطين عودنا دائما أن يمنح الأوسمة للشهداء والمقاتلين والجرحى والأسرى وليس لمن يقدم مالا أكثر.إن كانت حركة حماس وحكومتها يريدان رد الجميل لمن مهد لهم الطريق للخروج من مربع الجهاد والمقاومة لمربع الحكومة والسلطة فهذا شانهم ،إلا أن القول الفصل ليس لحركة حماس أو لأي حزب بل للشعب الفلسطيني الذي تعدداه أكثر من 11 مليون نسمه ،وغالبية الشعب الفلسطيني تقول لا أهلا ولا سهلا بزيارة أمير قطر لغزة . منذ سنوات ونحن نكتب ونحذر من مخطط التقسيم ومن مساعي أطراف متعددة لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني من خلال فصل غزة عن الضفة وتمكين حركة حماس من سلطة في قطاع غزة.إن كانت إسرائيل المخطط والمستفيد الأول من هذا المسعى فهي التي بدأته بخطة شارون بالانسحاب من غزة 2005 ،إلا أن هذا المخطط الصهيوني تقاطع مع مصالح واستراتيجيات أطراف أخرى وخصوصا واشنطن التي قررت إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب وإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة على حساب استكمال عملية السلام التي ترفضها إسرائيل،أيضا تقاطع مع سياسة جماعة الإخوان المسلمين التي قررت وبمباركة أمريكية الدخول في معترك الحياة السياسية العربية رسميا– ونُذكر هنا أن واشنطن ضغطت على كل من مصر والمغرب والأردن والرئيس أبو مازن خلال سنتي 2005 و 2006 لتمكين الإخوان المسلمين من المشاركة في الانتخابات وهذا ما جرى - ،وجاء ما أطلقت عليه واشنطن اسم الربيع العربي والمعادلة الجديدة أو النظام الإقليمي ليعطي دفعة لدولة غزة موظفين الحصار من جانب وفشل المفاوضات وأزمة السلطة ومنظمة التحرير من جانب آخر. أمير قطر يزور غزة ليستكمل الدور الذي بدأته قطر من خلال وزير خارجيتها كعرابة للانقسام ولدولنة غزة منذ عام 2004 ،أمير قطر سيأتي لغزة ليس لتدشين مشاريع الإعمار بل ليضع لمسته الأخيرة على إمارة غزة .زيارة امير قطر لغزة ستقطع شعرة معاوية بين الضفة وغزة وستقضي على آخر الأمل عند الفلسطينيين بالمصالحة ،لأن المصالحة بعد قيام دولة غزة ستكون أكثر صعوبة إن لم تكن مستحيلة . وسؤال أخير نطرحه على المجاهدين في حركة حماس وعلى كل من يراهن عليها كحركة مقاومة ،كيف يمكن لحركة جهادية ترفض الاعتراف بإسرائيل وتسعى كما تقول لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر أن يكون حليفها دولة قطر ،الحليف الاستراتيجي لواشنطن بعد إسرائيل والمُحتَضِنة لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية ؟ من لديه الجواب فانا أنتظره مشكورا.
تاريخ النشر: 2012/8/13
×
النخبة السياسية الفلسطينية: صناعة الانقسام وأوهام الانتصار
تعدد النخب وتبادل أدوار الفشل
التحليل النخبوي للنظم وللحياة السياسية يكتسب في الحياة السياسية المعاصرة مزيدا من المصداقية بسبب تزايد دور وتأثير قوى مجتمعية وسياسية تتشكل في إطار جماعات مصالح وتحوز القوة والقدرة السياسية من خلال امتلاكها السلطة الفعلية أو سلطة التمثيل والإنابة عن الشعب،أو بسبب تأثيرها على متخذي القرارات السياسية.لذا فالتحليل النخبوي الأكثر قدرة على فهم وتفسير المجال السياسي في مجتمعات لم تعد النظريات السياسية التقليدية،كالديمقراطية والماركسية،ولا المقاربات القانونية والمؤسساتية،قادرة على فهم وتفسير كثير من ميكانزمات عمل الحياة السياسية المعاصرة . يؤسس التحليل النخبوي المعاصر على أنه في كل الأنظمة، سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية أو عسكرية،هناك نخب تَحكُم مباشرة أو تؤثر على متخذي القرار، موظفة قدراتها السيكولوجية والمادية والقدروية وموظفة الشعب أيضا لتحقيق مصالحها التي قد تلتقي مع مصالح الشعب وقد لا تلتقي.والحالة الفلسطينية مثال جيد لخضوع مجال سياسي بكامله لسيطرة وتوجيه نخب سياسية واجتماعية أكثر من خضوعه لمؤسسات دولة أو سلطة سيادية.لذا يعتبر التحليل النخبوي أكثر مناهج التحليل قدرة على فهم وتفسير المجال السياسي الفلسطيني ،و فهم بنية النخبة الفلسطينية وملابسات تشكلها والأدوار التي تقوم بها وعلاقاتها العربية والإقليمية والدولية سيمكننا من فهم سيرورات الحياة السياسية الفلسطينية وتفسير كثير من الأمور التي تعجز المقاربات القانونية والمؤسساتية على تفسيرها . إذن في ظل غياب دولنة المجال السياسي ومع شكلانية السلطة فإن النخبة السياسية الفلسطينية تعتبر الفاعل السياسي الرئيس الذي يستحوذ على عملية صنع القرار وعلى توزيع وتقاسم الأدوار والمغانم وتأطير المشهد السياسي.إلا أن توظيف مصطلح النخبة أو الصفوة Elate في تحليل الحقل السياسي الفلسطيني لا يعني أننا أمام نخبة متجانسة أو نخبة يتميز أفرادها بالأفضلية والتفوق القيمي والأخلاقي والسياسي كما يوحي مصطلح نخبة أو صفوة .نحن نسميها نخبة سياسية لأن في يدها مقاليد الأمور وتمارس سلطة أمر واقع ،ويتم التعامل معها خارجيا كمسئولة عن الشعب الفلسطيني أو تمثيله،أيضا هي نخبة في حالة تحول من نخبة ثورية وجهادية إلى نخبة سلطة خاضعة للاحتلال وفاقدة للشرعية الدستورية ،بل يمكن إدراجها ضمن جماعات المصالح ،لا فرق بين النخب في الضفة الغربية والنخب في قطاع غزة،إلا على مستوى الشعارات والأيديولوجيات ،وهو فرق شكلاني خارجي لا يغير من حقيقة الوحدة الجوانية لهذه النخب من حيث نمط تفكيرها وتعطشها للسلطة والجاه والمغانم ،وفي نظرتها الدونية للشعب . بالإضافة إلى غياب الدولة التي تؤطر عمل النخبة فإن واقع شتات الشعب الفلسطيني أضفى خصوصية على تشكل النخب وآليات عملها ومدى استقلاليتها،فالحديث عن النخبة أو النخب السياسية الفلسطينية لا يرتبط بمواقع سيادية للنخبة أو بقدرتها على اتخاذ قرارات سيادية بل بحيازتها سلطة تأثير على مجريات الحياة السياسية وسلطة تقرير مقيدة بما تمنحه لها سلطات الدولة التي يقيمون بها سواء كانت سلطة دولة الاحتلال أو سلطات الدول العربية والأجنبية حيث تتواجد التجمعات الفلسطينية في الشتات،ومن المفيد التذكير أن أول ظهور لنخبة سياسية رسمية كان خارج فلسطين المحتلة ،حيث ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية و المنظمات الفدائية،بل إن اعتراف بعض الدول العربية – الأردن خصوصا- بمنظمة التحرير الفلسطينية كان مشروطا بعدم مطالبة منظمة التحرير بممارسة أي سيادة على الضفة الغربية التي كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية قبل فك الارتباط إداريا بين الطرفين عام 1988. إن دور الأطراف الخارجية في تشَكُل النخب السياسية الفلسطينية وفي ضمان ديمومتها أكثر بروزا من دور الشعب الفلسطيني نفسه،وحتى إجراء انتخابات تشريعية لمرتين -1996 و 2006- فإن هذه الانتخابات لم تغير كثيرا من حقيقة أن قوة تأثير الخارج على عمل هذه النخب بل واستمرارها أقوى من تأثير إرادة الشعب . وفي جميع الحالات فإن وجود واستمرارية النخب السياسية اليوم لا يعتمد على شرعية الانجاز بل يستمد من قيامها بادوار وظيفية تحددها أطراف عربية وإقليمية ودولية بالإضافة إلى إسرائيل.كما أن الانقسامات العمودية والأفقية داخل النخبة السياسية تؤثر ولا شك على صفتها التمثيلية والاستقطابية من جانب وعلى قدرتها على صياغة الأهداف الإستراتيجية الوطنية واشتقاق استراتيجيات عمل فاعلة تحضا بمصداقية داخلية وخارجية. لخصوصية الحالة فإن النخبة الاجتماعية بمفهومها الواسع – اقتصادية ودينية ومثقفين- لها دور لا يقل عن دور النخبة السياسية وعليه فإن النخبة الفلسطينية تتشكل من: 1 – الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء في الحكومتين 2- قادة الفصائل والأحزاب وأعضاء المكاتب السياسية أو مجالس الشورى 3- أعضاء المجلس الوطني والمجلس التشريعي 4- قادة الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة 5- رجال الإصلاح والمخاتير ورؤساء العشائر وأئمة المساجد 6- مستشارو الرئيس 7- رؤساء تحرير الصحف الرئيسة في غزة والضفة 8- بعض المثقفين وقادة الرأي العام . 9- بعض مدراء ورؤساء منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية 10- رجال مال وأعمال في الضفة يتعاملون اقتصاديا مع إسرائيل،وتجار إنفاق في غزة . وكخلاصة يمكن تلخيص سمات وخصائص النخبة السياسية الفلسطينية بما يلي: 1- في حالة تحول نتيجة مؤثرات أيديولوجية وسياسية ومالية خارجية. 2- غير متجانسة إيديولوجيا وسياسيا حيث تتشكل من قوى دينية وعلمانية الخ. 3- تفتقر لحوامل اجتماعية واضحة لضعف الفرز الطبقي في المجتمع من جهة وغياب الطائفية والإثنية في المجتمع الفلسطيني.ومع ذلك فللعائلية دور وإن كان محدودا في تشكلها. 4- نخبة قوة لغياب الديمقراطية والقانون في عملها وضعف ثقافة الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني بشكل عام. 5- نخبة مسلحة غالبا لامتلاكها جماعات وميليشيات مسلحة وكثير من هذه الجماعات يشتغل خارج مؤسسات أمنية وعسكرية رسمية. 6- نخبة أمر واقع وغير شرعية لانتهاء آجال المؤسسات المنتخبة . 7- في حالة صراع مستمر مع بعضها البعض لغياب المرجعيات الوطنية الجامعة والمنظمة لعملها. 8- تعيش مرحلة انتقالية مرتبكة نتيجة تخليها عن أصولها كحركات تحرر دون أن تتمكن من التموقع كنخبة سياسية لدولة مستقلة. 9- تفتقر لاستقلالية القرار حيث قرارها لجهات أجنبية إما على أساس إيديولوجي أو سياسي أو مالي. 10- تفتقر إلى الشفافية والوضوح في عملها . 11- لا يتوفر أي منها على الصفة التمثيلية الجامعة للشعب الفلسطيني. 12- نخبة طفيلية حيث تتعيش من مال سياسي خارجي أو من مصادر داخلية غير شرعية كالأنفاق في غزة . لا أحد ينكر دور النخبة السياسية الأولى وخصوصا نخبة حركات المقاومة الفلسطينية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية في استنهاض الوطنية الفلسطينية بداية ظهورها منتصف الستينيات ودورها في فرض القضية الفلسطينية كقضية سياسية،قضية شعب يناضل من أجل الحرية والاستقلال بعد أن كانت مجرد قضية لاجئين فلسطينيين.آنذاك كانت حركة المقاومة أو الحركة الفدائية كما كانت تسمى قريبة من ضمير الشعب وتعبر عن ثقافته وتطلعاته وكان الفدائيون وقادتهم من أبناء الشعب يعيشون حياتهم ويعانون معاناتهم،ومن عايش تلك المرحلة كما عشناها يعرف أن كثيرين تركوا وظائفهم وأعمالهم المربحة والمتميزة وانخرطوا في العمل الفدائي،وحتى من لم يكن منضويا رسميا في العمل الفدائي كان يساهم من ماله الخاص في دعم هذا العمل وكثير من الفلسطينيين الذين يشتغلون في الخارج كانوا عن طيب خاطر يقتطعون نسبة من راتبهم لصالحة منظمة التحرير .فالوطنية آنذاك كانت عطاء بلا حدود ولم يكن أحد يفكر بمكسب أو ربح من وراء انخراطه في العمل الفدائي،ولذلك حضت الحركة الفدائية بتقدير واحترام ليس فقط الفلسطينيين بل وكل العالم الذي انحنى احتراما واعترف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بالرغم من ممارسة الفلسطينيين آنذاك للعمل الفدائي المسلح داخل فلسطين وخارجها . يبدو أن تلك المرحلة أصبحت ذكرى جميلة بالرغم من أنها لم تحرر وطنا ولم تُقِم دولة،ذكرى جميلة وتاريخ مشرِف مقارنة مع واقع النخب السياسية اليوم ،حيث لم تعد المصلحة الوطنية أو العمل في سبيل الله والوطن دافع الانتماء الحزبي أو السعي لتأسيس مؤسسات المجتمع المدني، بل بات الدافع طلبا لوظيفة أو بحثا عن مكسب ومغنم.وباتت النخب الفلسطينية تعيش حالة من التعالي عن الشعب لإخفاء عجزها عن التعامل مع استحقاقات العمل الوطني الجاد،تعالي السياسي المؤدلج الذي يعتقد انه عالِم ومُحيط بكل شيء، محولا المجتمع والقضية الوطنية لحقل تجارب لكل ما يُستَجد من أيديولوجيات وشعارات وتهويمات سياسية ،متسلحا بديماغوجية الشعارات أو بسيف السلطة المالية أو السلطة الدينية. لذلك تعيش القضية الوطنية حالة انفصال وانفصام مزدوجة :انفصال وانفصام ما بين النخب من جانب و غالبية الشعب من جانب آخر ،وانفصال وانفصام ما بين النخب والتشكيلات السياسية بمصالحها وصراعها على السلطة من جانب والواقع بما يتطلبه من مستلزمات نضالية حقيقية من جانب آخر.هذه الحالة أدت لفشل معمم للمشاريع السياسية والتنموية والاجتماعية والتحررية وصيرورة الحال للوضع الراهن المتسم بالانقسام الداخلي وانغلاق الأفق السياسي وحالة التيه والإرباك التي تعم كافة الأحزاب والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، حالة تيه وإرباك تشمل القضايا الرئيسة كالتسوية والسلام والمقاومة وأضيف إليها ملف المصالحة الوطنية. إذا تُركت القضية الفلسطينية للنخب القائمة اليوم فلن يخرج النظام السياسي الفلسطيني من مأزقه وستفشل كل محاولات استنهاض المشروع الوطني.إمساك النخب السياسية بكل تلابيب الحياة السياسية يشكل عائقا أمام استنهاض مشروع مقاومة حقيقي حتى في صيغته السلمية ، وعائقا أمام استنهاض مشروع سلام حقيقي وعادل حتى في إطار قرارات الشرعية الدولية ، وسيبقى كل طرف – فتح وحماس- يجتر الشعارات ويرمي بالمسؤولية عن فشله على عاتق الطرف الثاني ،فيما القيادات النافذة في كل طرف تعرف حقيقة أن فشلها لا يعود لمناكفات أو أخطاء الطرف الثاني، بل فشلها يكمن في ذاتها :نهجا ومصالح ذاتية وفئوية بات لها الأولوية على المصلحة الوطنية،هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل استطاعت تدجين وتطويع غالبية النخب السياسية والمدنية وإن بدرجات متفاوتة،بالإضافة إلى معادلة دولية جدية خلقت الظروف المواتية للانقسام وتعمل على ديمومته. ففيما يشبه المفارقة الخطيرة أن فشل ودمار المشروع الوطني التحرري والفشل المُعمم لكل مكونات النظام السياسي وحالة البطالة والفقر التي يمر بها الشعب ،لا تنعكس على واقع نخب الأحزاب والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني،فخراب ودمار وضياع الوطن والمشروع الوطني يواكبه تَشَكُل نخب حزبية ومدنية تتسم بالثراء والنفوذ والامتيازات غير المسبوقة ،الأمر الذي يحتم ربط الأمور بعضها ببعض من خلال معادلة بسيطة تقول بأن اغتناء هذه النخب ثمنه تضييعها للوطن أو تخليها عن مسؤوليتها عن تحرير الوطن والدفاع عن كرامة المواطن .لا فرق بين نخبة حركة فتح في الضفة حيث غِناها وامتيازاتها مقابل سكوتها – ولو كان عن عجز- عن الاستيطان والتهويد ،أو نخبة حماس في غزة حيث غِناها غير المسبوق واستمرارها في السلطة ثمنه تخليها عن المقاومة المسلحة في فلسطين 48 أولا ثم في الضفة ثم عبر الحدود بين غزة وإسرائيل وقيامها بدور الحارس للحدود الجنوبية مع إسرائيل.ولا فرق بين فساد النخب السياسية وفساد نخب المجتمع المدني ،بل إن فساد المجتمع المدني لا يقل خطورة عن فساد النخب السياسية ،لأن فساد الأولين خارج نطاق المحاسبة والرقابة سواء من المجتمع أو من الحكومتين أو من الجهات المانحة. هذه النخب التي باتت أسيرة مصالحها الاقتصادية وأسيرة متطلبات السلطة وأسيرة ثقافة لا تعترف بالخطأ أو بالنقد الذاتي أصبحت تتبادل ادوار الفشل دون ان تعترف بانها فاشلة ،فبالرغم من الفشل والطريق المسدود الذي وصلت إليه منظمة التجرير والسلطة إلا ان نخبها ما زالت تتصرف وكأنها ممسكة بمقاليد الأمور وما زالت ترفض الاعتراف بالفشل،وذلك ينطبق على حركة حماس التي تخفي فشلها الوطني بالارتماء بأحضان الإخوان المسلمين ،ولذا ستستمر هذه النخب باجترار خطاب عن المقاومة أو السلام لا علاقة له بالواقع ،وتسويق انتصارات وهمية لتبرير وجودها واستمرارها في السلطة،ولكل طرف أوهامه التي يسوقها للشعب وهي أوهام إن لم تكن تعبر عن الجهل السياسي وهو أمر خطير فإنما تعبر عن تضليل مقصود للشعب وهو أخطر من الجهل. بالرغم من حالة العداء بين فتح وحماس ومختلف النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلا أننا نعتقد بأنها تتجه نحو التعايش في إطار الانقسام القائم والبحث عن مخارج غير وطنية للقضية الوطنية. اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647 القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14 حي المصايف، رام الله الرمز البريدي P6058131
للانضمام الى القائمة البريدية
|