مفتاح
2024 . الجمعة 26 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

رام الله - حين اهتدت إليها "مفتاح" من بين مجموعة من نساء الجفتلك، كانت نائلة الشلالفة والمعروفة ب"نائلة" الطمونية - نسبة إلى بلدتها طمون مسقط رأسها- قد بلغت مدى كبيرا من في رحلة كفاح مستمرة اعتمدت فيها على نفسها وما تتمتع به من قدرة على مواجهة التحديات التي واجهتها وواجهت أسرة في بيئة تعاني فيها المرأة عموما من التهميش والتمييز على أساس النوع الاجتماعي.

كانت نائلة حكاية مختلفة، وبالنسبة إلى "مفتاح" التي تنفذ مشروعا لدعم وتمكين النساء الريفيات بمشاريع صغيرة مدرة للدخل، بدت نائلة نموذجا يستحق المتابعة والدعم والتدريب، - خاصة أن نائلة وهي الآن واحدة من " نساء مفتاح" تميزت بحضورها اللافت بين قريناتها من النساء من حيث عمق معاناتها، وقدرتها على مواجهة تحديات المجتمع والبيئة.

من هنا رأت "مفتاح" في نائلة نموذجا يستحق المتابعة والمباشرة في تمكينها بمزيد من الوعي والمعرفة وتدريبها على امتلاك أدوات التواصل على نحو منهجي، جعل منها لاحقا قصة نجاح كبيرة يفخر بها المشروع.

تقول حنان سعيد منسقة مشروع دعم النساء الريفيات بمشاريع مدرة للدخل" تتمتع نائلة بروح المسؤولية، وبالسمات القيادية المتأصلة في شخصيتها، وقد بدا ذلك من خلال انخراطها في المشروع، وما تخلله من تدريب وتمكين عبر سلسلة من ورشات العمل، وضع نائلة في إطار تمكيني واع ومدرك، وبمعرفة منظمة بطريقة أفضل من حيث ترتيب أفكارها وبلورة احتياجاتها، وتحديد أولوياتها، ما مكنها من القدرة أكثر على التعبير عن التمييز الذي عانته في بيئتها بناء على النوع الاجتماعي، وبالتالي باتت أكثر جرأة للمطالبة بحقوقها، ولم تعد مستضعفة كما كان عليه حالها في السابق، بعد أن باتت قادرة على مواجهة محاولات استضعافها والتغلب عليها، والوصول إلى أهدافها بطريقة واعية، ما انعكس ذلك على أسرتها، من خلال رغبتها في تعليم أبنائها وجلهم من الإناث وغرس روح المسؤولية عندهم". تضيف حنان قائلة" المشروع الذي انخرطت فيه نائلة نقلها إلى حيز المشاركة، والاعتماد على الذات وصولا إلى تحقيق الاستقلالية، من خلال عملية تمكين اقتصادية تجعلها قادرة على النهوض بأسرتها وفي مجتمعها ومحيطها، وهذا الهدف الأساس الذي يسعى المشروع إلى تحقيقه".

إذن، كانت "مفتاح" محطة هامة في حياة نائلة، تضاف إلى محطات كثيرة وتجارب كبيرة من التحدي مرت بها لتبلور شخصيتها لاحقا وفي المستقبل أيضا حيث تواصل معركة التحدي.

التحقت نائلة ضمن مجموعة من نساء منطقتها في الجفتلك، في المشروع المقدم من "مفتاح" وهو الشراكة في تربية قطيع من الأغنام، يشارف الآن على دخول مرحلة الإنتاج، مولته "مفتاح" ودعمته، ووفرت للقائمين عليه أسس إدارته ورعايته، ليكون نواة لمشروع أكبر قد يتطور في مراحل إنتاج أخرى، يمكن المشاركات فيه ومعهم نائلة من العيش بكرامة.

هذا ما تأمله نائلة في حديثنا معها ، حين التقيناها في بيت الطوب والصفيح بالجفتلك.. لقاء جمعنا بأسرتها وبزوجها حيث يتشارك مع زوجته في تربية الأبناء وتعليمهم، من خلال العمل أيضا في قطف المحاصيل الزراعية من الحقول القريبة.

لقاء استمعنا فيه إلى قصة كفاح نائلة التي نجحت في تشييد بيت لأسرتها، وتعد بأن يتوسع مستقبلا ليشمل غرفة لكل واحد من أبنائها، بينما هي منهمكة أيضا في تعليم إحدى بناتها في جامعة القدس المفتوحة – فرع نابلس، تقتطع من مصروف عائلتها ما يعينها على تعليم ابنتها، ولن تبخل – كما تقول - على سائر الأخوات البنات في تعليمهن والبلوغ بهن ما لم تبلغه هي من حظ في التعليم، فأنوار ، ومنيرة ، وياسمين هن أجمل ما لديها، ولن تتوانى عن تعليمهن مهما قست الأوضاع المعيشية.

روت لنا نائلة طويلا من مشوار كفاحها الممتد منذ إن اقترنت بزوجها وسكنا في غرفة واحدة ملحق به مطبخ صغير، وكيف تنقلا في مستهل حياتهما بين الجفتلك، وعصيرة الشمالية، لتعود وتستقر حيث هي الآن...

زاولت نائلة على مدى سنوات طويلة مهنة بيع ما تنتجه الأرض من نباتات النعناع والفجل والأعشاب الأخرى، وحتى بيع البيض في أسواق الناس، والمتاجرة بالطيور مثل الدجاج والحمام، ولم تكن لتخجل من ذلك أبدا وهي التي تعي حجم مسؤوليتها، ولا يضيرها ما تلاقيه من عنت المجتمع، وعدم اعترافه بدور المرأة..

كانت بدايات عملها في مشروع لم يتجاوز رأس ماله الخمسة شواقل... في ذلك الوقت اشترت بالمبلغ رأس مالها عشر بيضات دجاج ، فكانت انطلاقة مهمة في حياتها، انتقلت بعده إلى تربية الحمام، وبدأته بخمسة أزواج من الحمام، حتى بلغ عدد الحمام لديها 250 طيرا... ومن الدجاج والطير انتقلت لتربية الأرانب والمتاجرة بها حتى بلغ ما لديها منها 100 أرنب، ثم انتقلت بعد ذلك لتربية الأغنام والمتاجرة بها أيضا، بدأت مشروع الأغنام برأس واحد، إلى أن بلغ العدد في النهاية إلى 25 رأسا...

وخلال تربيتها للطيور والأغنام، كانت تتحول نائلة إلى طبيب بيطري اعتمادا على معطياتها وتقديراتها المتواضعة ، وتذكر في هذا السياق كيف أنها أمضت شهرا كاملا وهي تداوي رأسا من الحمام من أحد الأمراض باستخدام بعض الأدوية مثل "الأكامول" بعد طحنها وتذويبها، وإعطائها على شكل جرعات، أو حقنها للأغنام...

تاجرت نائلة في الجبن البلدي، بواقع خمسة كيلو غرامات في اليوم، تحملها من الجفتلك لتبيعها في أسواق نابلس قبل أن تعود إلى بيتها عصرا أو عند المساء..

ومن طريف ما تذكره نائلة، انها كانت تختار أسماء إناث لأغنامها تحببا بها وتوددا لها، وكانت تنادي كل رأس من الغنم باسمها، مثل" أنهار، ليلى، شمس، وعيد، وحين ضاعت إحدى الغنمات أطلقت عليها اسم "صيته"..

غالبا ما رددت نائلة عبارتها المشهورة " شبعان وبدور على لقمة الجوعان" في إشارة لما كانت تلاقيه من صد من قبل مؤسسات توجهت إليها بحثا عن عمل، أو خلال محاولات جهات لم تسمها مناكفتها في رزقها ومنافستها عليه...

تقول نائلة" بالنسبة ل"مفتاح" الوضع مختلف تماما. المشروع الذي دعمتنا فيه وهو تربية الأغنام بداية جيدة، وكل بداية صعبة، لكن الأوضاع إن شاء الله بتتحسن..." تضيف" "مفتاح" منحتني الشجاعة والقوة، وبأن هناك من يساعدني دون مقابل.. "

الطموح الأكبر لنائلة هو استكمال تعليم أبنائها، وأيضا بناء بيت يؤوي جميع أفراد العائلة، بدلا من النوم جميعا في غرفة واحدة كما هو عليه الحال الآن، بينما يفتقد إلى حمام داخلي... ما اضطر العائلة إلى بناء حمام خارجي ...

الشيء الأهم بالنسبة لنائلة مستقبلا هو تواصل "مفتاح" معها ومع شريكاتها في المشروع... تتمنى أن لا يتوقف الدعم عنهن، ليس للمشروع فقط، بل لهن أيضا من خلال سلسلة الورش والتدريبات التي تنفذها والتي ساهمت في إعدادهن لمواجهة التحديات والتغلب عليها...

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required