مفتاح
2024 . الخميس 9 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

منذ العام 2005، تم طرح توطين القرار 1325 ليعمل وفق حالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال. ولكن؛ ليس كل ما يتمنى المرء ويعمل لأجله يدركه. فالتوطين يتطلب الكثير من الجهد العملي على الأرض. فلغاية تاريخه، لم يتعد الطرح حدود الفكرة النظرية، ولم تذهب الأفكار نحو وضع آلياتها وأنشطتها المؤدية إلى إنفاذ خطة فلسطينية ودولية لتطبيق القرار وتوطينه، كما جرى توطين القرارات الدولية الأخرى ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وبقيت فكرة توطين 1325 في حدود التبشير بأهميتها.

يستخدم عادة مصطلح التوطين، للدلالة على العمليات والإجراءات المستهدف منها تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان الذين لا يتمتعون بالاستقرار. ومن ثم أصبح المصطلح يُستخدم للدلالة على الاجراءات الهادفة إلى استقرار المفهوم في الوعي الجمعي، وتكييفه ليصبح منتوجاً محلياً قادراً على الرسوخ في الوعي ومتماشياً مع الخصوصية المحلية، ليتمكن من الاندماج في الخطط الوطنية ويتأقلم لاستيعاب محاورها.

يبدو لي أن المعيقات أمام توطين القرار 1325 تكمن في وقوفه على حدود الفكرة، حيث لا زال موضوع تطبيق القرار يقف عند صياغة الأدبيات والمفاهيم واللوائح، والتطبيقات تقف على باب عقد المؤتمرات دون أن تنزل إلى أرض الواقع، باستثناء أشكال متفرقة من التطبيق، ومتجهاً نحو جعله أداة لإعمال القرارات والمعاهدات الدولية المقرة لحماية المدنيين في الحروب والصراعات، واستخدام الآليات الدولية التي تسائل وتحاسب مرتكبي الجرائم على انتهاكاتهم الجسيمة ضد المدنيين وعلى الأخص النساء والأطفال، بموجب معاهدات جنيف الأربعة وبرتوكولاتها، وببعدها النسوي التي أضافها القرار 1325.

في توطين القرار، ومن أجل استقرار المفهوم وتكيّفه مع الحالة الفلسطينية، تم ربطه بالقرارات الأخرى ذات الصلة بالقضية الفلسطينية التي اعترفت بواقع الاحتلال، ومن تكييفه ليناسب الخصوصية الفلسطينية. كما تم ربطه بالاتفاقيات الدولية التي تتناول القوانين الالتزامات الدولية الخاصة بحماية المدنيين من أجل اشتباكها مع الحالة الفلسطينية وعلى الأخص حالة النساء والأطفال ممن يعانون أثر ونتائج الاحتلال كونهم الفئات الأكثر هشاشة وضعفاً، إلى جانب توصيات المؤتمرات الدولية المتعاقبة التي كان لها الإسهام في دفع القرار الى حيز الوجود، التي أضاءت وأمسكت التوجه نحو دور النساء في التنمية وتحقيق السلام.

وفي عملية توطين القرار 1325، كان لا بد من لمس قدرته على مقاربة البرنامج النسوي الفلسطيني العام، وانسجامه مع المحور الوطني في برنامج عمل المرأة الفلسطينية وتنوع حالاتها وتنوع الجغرافيا التي تحتضنها.

في توطين القرار، لا بد من خلق القناعة الجمعية بفائدته وقيمته المضافة إلى نضال المرأة الفلسطينية، من أجل أن يشكل أداة فاعلة ذات جدوى لنضالها بالأثر الذي تحدثه على تظهير نضالها ومعاناتها وبما يحقق نتائج هامة وفرقا ملموسا. ومن هنا كانت عملية توطينه تستلزم عددا من الخطوات التأسيسية للوصول إلى المبتغى، وعلى رأسها أن يُبنى التطبيق على أساس التخطيط، وأن يستند التخطيط إلى الآليات المختلفة والأنشطة المناسبة للتطبيق والمترافقة مع الخطاب المتناسب معهما.

فالتوطين يعني أن نؤسس وعيا عاما في أوساط القاعدة النسائية حول القرار وخطة استخدامه، وهو ما سيساعد في استنهاض العمل الوطني ويعيد الاعتبار له. وهنا لا بد من التنويه إلى أن المرأة الفلسطينية تناضل قبل القرار وستبقى تناضل بعده ما دام الاحتلال موجوداً. فالقرار لا يعطي المشروعية لنضال المرأة، لكنه أداة دولية صادر عن أعلى مستويات هيئة الأمم المتحدة، تتيح لنا فيما لو أحسنا استخدامها، الوقوف على قاعدة مشتركة مع نساء العالم، وبما يضيف الزخم النسوي العالمي ومنابره وإمكانياته إلى نضالنا، لكونها معنية بتطبيقه على أرضها وكذلك في مدّ يد العون والمساعدة لغيرها في بلدان الصراع. فالقرارات المتبناة من منظمة التحرير الفلسطينية منذ القرار 181 و 194 قد توطنت بفعل تبنيها والتوحّد على المطالبة بتنفيذها، ولكونها أُدمجت في البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، كقاسم مشترك للإرادة الدولية.

في هذه اللحظة، ونحن على باب مرحلة جديدة في توطين القرار 1325، لا بد من السير قدما نحو التوثيق وبناء القضايا وتقديمها للمحاكم المختصة، لا بد من الانتباه إلى أن ذلك لا يحدث على نحو مباشر وتلقائي، إنما يحتاج إلى عناصر أساسيّة مثل الانتهاء من وضع الخطة الوطنية لتطبيق القرار، بالتركيز على تقوية الائتلافات الوطنية المشكّلة وتطويرها، والسير قدما نحو عكس مختلف الحالات النسوية التي أوجدها الاحتلال، وأهمها حالة المرأة اللاجئة والأسيرة، وعلى الأثر الذي يحدثه الاستيطان والحصار والجدار وتهويد القدس على حياة المرأة، من أجل عدم إفلات الاحتلال من جرائمه، وتحصين المرأة وحماية حياتها وتعزيز صمودها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required