مفتاح
2024 . الخميس 25 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
أثبتت زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى القدس وبيت لحم أن فرنسا لم تغير سياستها بالنسبة إلى صراع الشرق الأوسط، وأن مبادئها الأساسية التي تميزها عن السياسة الأميركية بقيت على حالها مع الإصرار على القدس عاصمة لدولتين وإنشاء الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان ورفع الحواجز أمام الشعب الفلسطيني.

لكن ما تغير مع ساركوزي هو الشكل وليس المضمون، إضافة إلى طموح كبير بالحصول على دور على صعيد التسوية في الشرق الأوسط. فالشكل كان، عبر رسالة الود إلى الشعب اليهودي وإسرائيل، واستخدام مقتطفات من التوراة في خطابه أمام الكنيست.

وفي هذا الخطاب قال ساركوزي إن جده كان يهودياً ولم يتمكن من استخدام كلمة "ألمانييه" أي ألمانيا، بسبب كارثة المحرقة. وأشار إلى أنه بعد كل ما حصل تصالح الشعبان الألماني والفرنسي، مؤكداً حتمية تعايش الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي معاً ضمن دولتين.

وساركوزي ذهب إلى إسرائيل مدفوعاً برغبة ونية قوية في إيجاد دور لفرنسا، التي تتسلم رئاسة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل، على المسارين الفلسطيني والسوري. وبدأ زيارته بخطابات كانت بمثابة رسائل مودة ودعم لليهود وتاريخهم، وعبر مراراً عن سروره لدور فرنسا في المساعدة على تأسيس الدولة العبرية. وكان مجمل كلامه يعبر عن قوة إدراكه للمشاعر اليهودية ولكل ما حدث لليهود في أوروبا.

وشرح ساركوزي لأوساطه أثناء وجوده في القدس أنه ليس يهودياً، لكنه نشأ مع جده اليهودي الذي كان متزوجاً من سيدة كاثوليكية، وأنه على رغم كونه كاثوليكياً، فإن المنطق جعله لا يتقبل مسؤولية أوروبا عن المحرقة، ويثور على ما حدث في أوروبا بحق اليهود.

والتقى ساركوزي أيضاً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم. وعكست زيارته رغبة أكيدة في إيجاد دور لفرنسا خلال فترة ترؤسها الاتحاد الأوروبي وقبل تشكيل الإدارة الأميركية الجديدة الذي قد يستغرق ستة أشهر بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. لذا فإن ساركوزي راغب في التحرك سريعاً مع الرئيس السوري بشار الأسد وهو ينشط في الكواليس لترتيب لقاء بين الأسد وأولمرت في باريس في 13 تموز (يوليو) المقبل. وساركوزي أعرب عن صداقته لإسرائيل، لكنه طالبها بالعمل على حل كل العوائق أمام السلام.

إلا أن الرغبة والنية وعشقه لإسرائيل لا تكفي ليتمكن من الإقناع ولعب دور على المسارين. ويعتقد ساركوزي بأن التحرك والصداقة مع الدولة العبرية سيفتحان له الأبواب للعب دور على المسارين السوري - الإسرائيلي والفلسطيني - الإسرائيلي. لكن الأوضاع على الأرض ليست كذلك.

ويؤكد الجانب الفلسطيني أن المفاوضات مع الإسرائيليين معطلة على رغم أن أولمرت يقول إنها تتقدم. أما بالنسبة إلى الجانب السوري، فساركوزي راغب أيضاً في أن ينجح في أخذ صورة مصافحة بين أولمرت والأسد في باريس، وهذا ما يتمناه ويسعى إليه بقوة. وهو ربما يسعى إلى ذلك عبر أصدقائه، مثل رئيس الحكومة القطري أو غيره، الذين أقنعوه بالانفتاح على سورية. ولدى ساركوزي قناعة بأن الانفتاح على سورية سيشجعها على فك التضامن مع إيران، وهذا الأمر غريب بسذاجته، لأنه لن يتحقق.

وعلى رغم كل شيء، فإن ساركوزي يسعى بقوة إرادته وعمله المستمر إلى دور في السلام في الشرق الأوسط. وهو قام بزيارة إلى إسرائيل تجنب خلالها المصاعب من الجانب الإسرائيلي، فلم يزر القدس الشرقية ولا الحرم الشريف، وتجنب أي خطوة استفزازية، مؤكداً أنه يفضل قول الحقيقة.

وعلى رغم كل حماسه، فإن السلام في الشرق الأوسط ليس مثل الحملة الانتخابية. فالتعقيدات ضخمة وتعنت إسرائيل وممارساتها حيال الفلسطينيين أقوى من إرادته، وممارسات سورية في لبنان ومساعيها للحفاظ على دورها المعطل فيه وحماية حلفائها وحلفاء إيران وتعزيز قوتهم وأسلحتهم، تؤكد أن دبلوماسية ساركوزي هي بمثابة حلم فرنسي بطموح أوروبي سيصطدم بواقع معقد وقيادتين إسرائيلية وسورية، ليستا على طريق السلام في المنطقة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required