مساحة للتعبير عن وجهات نظر حول القضايا السياسية وغيرها وتداعيات وانعكاسات.
تنويه: المقالات والآراء المنشورة تعبر عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي مفتاح
×
احتباس النشر والمواءمة والمساواة- إحاطة أولية بنقاش تقرير ‘سيداو’
أثارت ملاحظات المجتمع المدني على أداء الفريق الوطني في اجتماع لجنة اتفاقية القضاء
على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حفيظة الجهات الرسمية المعنية. لا غرابة في ذلك،
أمر مستوْعَب في الحالة الفلسطينية الداخلية، لا يُهضم النقد جملةً وتفصيلاً.
لم تخرج الملاحظات التي أبداها المجتمع المدني عن الموضوعية. من خلال الاطِّلاع على الأدبيات المصاغة على يد الفريق الحكومي: التقرير الوطني والرد على قائمة الأسئلة المقدمة من قبل لجنة الاتفاقية والطروحات والردود المقدمة على الأسئلة الجديدة المطروحة في الجلسة السبعين المنعقدة مع لجنة الاتفاقية في مقر الأمم المتحدة في «جنيف». جميع الملاحظات التي طرحها المجتمع المدني جديّة وحقيقية وتحليلية ومعرفيّة. أذكر أن وفود المجتمع المدني إلى الاجتماع مع لجنة الاتفاقية ذهبت وهي محمَّلة بالمخاوف والقلق، بسبب احتباس الإرادة السياسية كما اُخْتُبِرتْ في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني (نيسان- أيار 2018)، والامتناع عن تنفيذ قرارات المجلس المركزي المتخذة في اجتماعاته المنعقدة في عامي 2015 و 2018، تلك القرارات المعززة لمشاركة المرأة القاضية بتخصيص مقاعد للمرأة في جميع بُنى ومؤسسات الدولة بنسبة 30% من المقاعد. أضاع المجلس فرصة نظامية مُتاحة لوْ توفرت المصداقية، واختتم الاجتماع دون وضع الصيغة لتجسيد القرار. في النتيجة، احتقان وفجوة وأزمة ثقة بين المؤسسات النسوية والطبقة السياسية. عُقد أكثر من اجتماع مع لجنة الاتفاقية بينما الأسئلة المهمة معلَّقة على إرادة متداعية. سؤال نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية بالاستناد إلى القانون الأساسي الفلسطيني المُعدل. سؤال التوجه نحو المواءمة بموجب الانضمام للاتفاقية والمرجعيات المحلية ممثلة بإعلان الاستقلال والقانون الأساسي. سؤال قرار المحكمة الدستورية (تشرين الثاني 2017) الذي قررت بموجبه "سموّ الاتفاقيّات الدولية على التشريعات المحلية بما يتواءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني." في الجلسة السبعين؛ سمعنا بعض الإجابات على الأسئلة المبدئية التي تلخص نوايا الجهة الرسمية، إجابات أعادتنا إلى الحالة المتشكلة ما قبل الانضمام الفلسطيني المُمَيَّز إلى الاتفاقية دون تحفظ. سابقة عربية جديدة من نوعها في حساب البيدر بينما تتكشف الحقيقة بعد زوال القشرة اللامعة مخلفة بقاء المحتوى على حاله. الردود التي تقدم بها الفريق الحكومي لم تكن وليدة اللحظة، أكدت التخوفات من أن التوقيع لم يتعدَّ كونه توقيعاً سياسياً مع جملة من الاتفاقيات والمعاهدات. وهي الردود التي تخلخل أساس الاتفاقية، وتهزّ بشدة ركائزها وحجر رحاها ممثلاً بالمساواة دون انتقاص. ولغايات الاقتراب من الواقع كما هو البعيد عن الانطباعات نطرح ما سمعناه في الاجتماع مع الفريق الحكومي بحضور صامت للمجتمع المدني: أولاً: قالوا إن الاتفاقية لن يتم نشرها إلا بعد استكمال عملية مواءمة. عدم النشر يلغي التزامات الدولة تجاه التوقيع والمصادقة وفق القانون الأساسي. يحول الانضمام إلى شبح يمكن أن يحضر شكلاً في الخطاب ويختفي فعلياً في الجوهر. استخدام الاتفاقية شبيه بالملابس التي يتم ارتداؤها على وجْهَيْها، التجمل بأحد الوجهين أمام المجتمع الدولي، وطمأنة الاتجاهات السلفية المحلية ونيل الرضا في الوجه الآخر. ثانياً: قالوا إنه لن يتم التعامل مع مبدأ المساواة، بل سيتم إدماجه في عملية المواءمة دون ذكر المصطلح بالاسم! بما يعني إبقاء التمييز ضد المرأة وضَرْب أساس الاتفاقية وجوهرها ومحتواها بدءاً من عنوانها: مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة..؟! ثالثاً: قيل إن الحكومة طلبت رأياً تفسيرياً لقرار المحكمة الدستورية حول قرار المحكمة الدستورية واشتراطها اتفاق عملية المواءمة مع الهوية المحلية. تم تجاهل السجال الجاري في فلسطين حول قانونية قرار المحكمة المتهم بمعارضة القانون الأساسي وصلاحيات المحكمة. علاوة على أن القرار بحد ذاته يُعَدُّ بمثابة تحفظ عام على الاتفاقية وعلى مقاصدها الحقوقية، بل يندرج في إطار التجزئة وانتقائية التعامل المزدوج مع الاتفاقيات الدولية. ما سبق غيض من فيض من ملاحظات المجتمع المدني على أدبيات الحكومة وردودها. وفي التفاصيل حيث تختبئ الشياطين يوجد ما يُقال. لكن لا يمكن إغفال أن النقاش والسجال صِحّي، لكنه حوار عن بُعْد؛ يفتقد إلى القنوات المنظمة بما يوصل السياق الداخلي إلى حالة مشحونة بالاصطفاف والاحتقان والشخصنة الضّارة. والأسوأ انه يفتعل التصادم بين المرجعيات دونما سبب إلا تعالي أطراف المصلحة على الواقع. بعد عامين سنكون على موعد جديد مع تقرير جديد، يرصد التقدم المُحْرز المحدد ضمن المؤشرات المهنية يُجيب على توصيات اللجنة وملاحظاتها المنبثقة على أثر اجتماع «جنيف». وبقناعتي، حَرِيٌ بالمعنيين في المستوى الرسمي الذهاب الى النقاش مع المجتمع المدني لتحديد اتجاه البوصلة، وقف التصادم بين المرجعيات التي تتمتع جميعاً بالمقاصد والمبادئ الحقوقية: الكرامة والعدالة والمساواة للجميع..هذا ما تنادي به نساء البلد وأن يمثل أمام لجنة الاتفاقية المؤسسة السياسية التنفيذية والتشريعية والمؤسسة الدينية، القابضين على بالقرار.
×
نميمة البلد: والمسكوت عنه في الوطني... المرأة وفشل المجلس الوطني
(1) فشل المجلس الوطني فشل المجلس الوطني مرتان، الأولى قبل أن تنفض جلساته وقبل قراءة وإعلان بيانه الختامي في التعاطي مع قرارات المجلس المركزي الخاصة بالكوتا النسوية، بضمان تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% في جميع مؤسسات منظمة التحرير ودولة فلسطين، وابقاءه في حالة "التوهان" بترحيله الى وضع اليات التنفيذ، وكأن قرار المجلس المركزي يحتاج الى اليات لا يستطيع وضعها المجلس الوطني أو أن قمة الهرم في منظمة التحرير غير مواتية لوجود النساء. والثانية لعدم قدرته تنفيذ قراره سواء في تضمين البيان الختامي للفقرة التي تم إقرارها والمتعلقة بصرف رواتب موظفي قطاع غزة "فورا" أو قرار الرئيس المعلن في الجلسة الختامية. وهنا الفشل سياسي أكثر منه اجرائي بحيث لا يتم التعامل مع المجلس الوطني باعتباره السلطة التشريعية الأعلى للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجه من قبل السلطة الحاكمة. وهي تعيد الأحجيات السابقة المتمثلة "مَنْ مرجعية مَنْ المنظمة أم السلطة". (2) المسكوت عنه في المجلس الوطني صدر البيان الختامي للمجلس الوطني صباح الجمعة الفارطة دون ذكر للنقاشات او السجال المتعلق بتوسع صلاحيات المجلس المركزي الفلسطيني بحيث يتولى جميع مسؤوليات المجلس الوطني الفلسطيني أي أن يصبح بديلا عن المجلس الوطني لتكريس مقولة أن هذا آخر مجلس الوطني، أو مدة ولايته أو توسيع صلاحياته ليحل محل المجلس التشريعي، وفي ظني أن البعض لا يعلم ان المجلس المركزي يتولى جميع الصلاحيات بين دورتي انعقاد المجلس الوطني، بقرار من المجلس الوطني في دورته السابعة عشر المنعقدة في العام 1984، باستثناء الصلاحيات الخاصة بانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وتعديل النظام الأساسي والميثاق الوطني، وإلغاء قرارات المجلس الوطني. تبنى البيان الختامي للمجلس الوطني قرارات المجلس المركزي الصادرة في العام 2015 وكذلك في منتصف شهر كانون ثاني/ يناير من ذها العام. لكن دون تقديم آلية واضحة أو تحديد آجال محددة. الامر الذي يبعث على الدهشة إذ لم تنفذ اللجنة التنفيذية السابقة قرارات المجلس المركزي آنذاك! فهل لها أن تنفذ اللجنة التنفيذية الجديدة هذه القرارات؟ في حين أن البنية والتركيبة السياسية للجنة الجديدة لم يحدث فيها تغييرا جوهريا كما أن المجلس الوطني لم يحدث الانعطافة السياسية أو التغيير في المسار السياسي. النقاش الذي جرى على ارتفاع متوسط عمر أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة في المقال الأسبوع الذي جاء تحت عنوان "68 سنة متوسط اعمار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة"؛ بكل تأكيد المسألة ليست بالسنوات ذاتها لكن بما تحمله من تبعات، فكما ذهبت إليه الصديقة المقدسية غادة الزغير في تعليقها، "أن هناك علاقة طردية بين السن والاستعداد للتغيير "أو المخاطرة" وكلما ارتفع العمر كلما مال الشخص نحو المحافظة على ما هو قائم وطلب الستر والمشي جنب الحيط تحت مسمى الحكمة، وكذلك المحافظة على الامتيازات التي يتمتع بها" وهي طبيعة بشرية في علاقة الكبار في العمر ليس فقط في الحياة العامة بل في الحياة الخاصة. ملاحظة: ورد خطأ في مقال الأسبوع الماضي أن 27% من أعضاء اللجنة التنفيذية هم من اللاجئين فيما ان النسبة هي 40%. وفي كل الأحوال فإن القراءة المقدمة في المقال الفارط تفتح الافاق لقراءة معمقة لتركيبة أعضاء اللجنة التنفيذية ليس فقط اللجنتين الأخيرتين بل لجميع اللجان التي تم اختيارها لقيادة الشعب الفلسطيني لفهم التحولات السيسولوجية في إحدى أهم مؤسسات النخبة السياسية الفلسطينية.
×
اليكم عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة
أفاد الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد العاطلين عن العمل في 2017 بلغ حوالي 364 ألف شخص، بواقع 146 ألفا في الضفة الغربية، و218 ألفاً في قطاع غزة، وبلغ معدل البطالة في فلسطين 27.7% في العام 2017، وما يزال التفاوت كبيرا في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ في قطاع غزة 43.9%، مقابل 17.9% في الضفة الغربية. ونوه في بيان استعرض خلاله الواقع العمالي في فلسطين 2017، عشية الأول من أيار، عيد العمال العالمي، إلى أن الارتفاع في معدلات البطالة للنساء أكثر منه للرجال مع زيادة هذه الفجوة في الأعوام الأخيرة، حيث بلغ المعدل للذكور 22.5% في العام 2017، بينما بلغ معدل البطالة للإناث 47.8% للعام ذاته. وجاء في البيان: مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 4 أضعاف مشاركة النساء بينت النتائج بأن نسبة القوى العاملة المشاركة في فلسطين للأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 45.3% في العام 2017، ومن الواضح أن الفجوة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث ما زالت كبيرة، حيث بلغت نسبة مشاركة الذكور 70.9%، مقابل 19.0% للإناث في العام 2017، وبلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 45.3% مقابل 45.1% في قطاع غزة. 666 ألف عامل مستخدمون بأجر يقدر عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر من فلسطين 666 ألف عامل، بواقع 333 ألف عامل يعملون في الضفة الغربية و221 ألف عامل يعملون في قطاع غزة و92 ألف عامل يعملون في إسرائيل و20 ألف يعملون في المستوطنات. بينما بلغ عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص 351 ألف عامل من فلسطين؛ بواقع 231 ألف عامل من الضفة الغربية، و120 ألف عامل من قطاع غزة. القطاع الخاص هو القطاع الأكثر تشغيلاً في فلسطين 52.7% من المستخدمين بأجر في العام 2017 يعملون في القطاع الخاص، بينما بلغت نسبة المستخدمين بأجر في اسرائيل والمستوطنات 16.8%، في حين بلغت النسبة للقطاع العام 30.5% في العام 2017. أكثر من نصف المستخدمين بأجر يعملون في القطاع الخاص بواقع 52.0% في الضفة الغربية و54.3% في قطاع غزة مقابل 22.9% يعملون في القطاع العام في الضفة الغربية و45.7% في قطاع غزة، في حين 25.1% من المستخدمين بأجر في الضفة الغربية يعملون في إسرائيل والمستوطنات. حوالي ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون في مهن فنية ومتخصصة بلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يعملون في مهنة الفنيين والمتخصصين 23.6% من فلسطين؛ 14.4% للذكور مقابل 67.6% للاناث. في حين بلغت النسبة للمستخدمين العاملين في الحرف وما اليها من المهن 17.0%؛ 20.0% للذكور مقابل 2.3% للاناث. معدلات أجور حقيقية متدنية في القطاع الخاص بلغ معدل الأجر اليومي الحقيقي (سنة الأساس= 2010) للمستخدمين بأجر في القطاع الخاص في فلسطين حوالي 71 شيقل في العام 2017 ، حيث بلغ الأجر الحقيقي في قطاع غزة حوالي 44 شيقل، بالمقابل بلغ الأجر الحقيقي حوالي 84 شيقل في الضفة الغربية (لا يشمل العاملين في اسرائيل والمستوطنات). سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص في الضفة الغربية بمعدل 106 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بواقع 96 شيقل، أما في قطاع غزة فقد سجل قطاع الخدمات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص بمعدل 71 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بمعدل 42 شيقل. بينما سجل قطاع الزراعة أدنى معدل أجر يومي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بواقع 65 شيقل و24 شيقل على التوالي. حوالي 36% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقل) في فلسطين 16.2% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في الضفة الغربية يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر أي 37,500 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 1,079 شيقلاً في العام 2017. أما في قطاع غزة فقد بلغت النسبة 74.0% أي 88,800 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 731 شيقلاً. في سياق متصل، بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للمستخدمين بأجر حوالي 42 ساعة عمل؛ 40 ساعة للمستخدمين بأجر في القطاع العام و43 ساعة في القطاع الخاص خلال نفس العام. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد 21.8% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد أو مكافأة نهاية الخدمة، و21.8% يحصلون على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، و21.0% يحصلون على إجازات مرضية مدفوعة الأجر، و35% من النساء العاملات بأجر يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر. أكثر من ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقود عمل 25.4% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقد عمل في فلسطين؛ 26.2% في الضفة الغربية و23.9% في قطاع غزة في العام 2017. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص منتسبين لنقابات عمالية/ مهنية 17.4% من المستخدمين بأجر منتسبين الى نقابات عمالية/ مهنية في فلسطين؛ 12.4% في الضفة الغربية و29.6% في قطاع غزة في العام 2017.
×
اللقاء الإقليمي للنساء الفلسطينيات: أجندة المرأة الفلسطينية
وَفَّرت مؤسسة مِفتاح مِنَصّة مفتوحة للنقاش أمام قيادات نسوية فاعلة، من داخل الوطن، بما فيها مناطق ما وراء الخط الأخضر؛ بحضور ممثلات من مناطق الشتات، من سورية ولبنان ومصر والأردن. منصة ديمقراطية للعصف الفكري باتجاه التوافق على محددات الوجهة العامة لأجندة المرأة الفلسطينية في المرحلة القادمة. حيث اتَّسعت المنصة لأغلبية وجهات النظر حول واقع ومستقبل الهمّ الوطني والاجتماعي، نحو اشتقاق إطار عام للأجندة السياسية والاجتماعية من منظورها النسوي. في الطريق إلى تحديد جدول أعمال وطني _ اجتماعي، لا بد من المرور على المستجدات الموضوعية، المحطات الفارقة والنوعية، تحولات الواقع الوطني والاجتماعي التي استحقت التداعي للحوار حولها لجهة الأثر المتروك على جناحي البرنامج النسوي، ليحلِّق نحو أهدافه، هكذا تعمل المؤسسات الحيوية من أجل بقائها فاعلة في الملعب. في الخلفية، أيُّ جدول أعمال لا ينطلق من سِمات راهن المرحلة؛ من ملامحها الوطنية والاجتماعية، من واقع وتحليل واقع المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، من واقع حضور المرأة في المشهد وتقييم أدائها من أجل توسيع المشاركة في النضال لإنهاء الاحتلال، مستوعبة دروس الترابط الجدلي بين فك القيود الاجتماعية وبين زخم تطوير دورها الفاعل في المشاركة بالنضال الوطني والديمقراطي، بما يمكنها من استعادة جماهيريتها في الشارع وتقوية أدواتها التنظيمية. أي جدول أعمال لا يراعي السمات الخاصة لن يكون له الحظ في النفاذ والتطبيق، وسيفقد المصداقية والالتفاف النسائي؛ وسيتعذر عليه شق الطريق. في المستجدات، تزايدت وطأة المشاريع والمحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وآخرها ما عُرِف باسم "صفقة القرن"، وترافقت مع استباحة شاملة للأرض والحقوق الوطنية المدنية والإنسانية، بما يضع الشعب أمام تحديّات غير مسبوقة، كبيرة واستثنائية. إما أن يمضي نحو تقرير مصيره بنفسه كحق مكفول وفق القانون الدولي، أو يقرر الاحتلال مصير القضية بدعم من إدارة "ترامب" المستندة إلى الأساطير والأيديولوجيا. العروض قدَّمت واقع وتفاصيل واقع النساء من المناطق المشاركة في اللقاء، حالة النساء تحت الاحتلال في مناطق الضفة والقطاع ومناطق 48، مناطق منزوعة السيادة بشكل متفاوت؛ سيادة نسبية في مناطق السلطة في الضفة وغزة، نفي السيادة بشكل مطلق عن فلسطين القابعة خلف الخط الأخضر. العروض المقدمة من فلسطينيات الشتات، من سورية ولبنان ومصر، أبرزت الواقع الاجتماعي والحقوقي تحت سقف قوانين الدول المضيفة، مُضافاً إليها المستجدات "الدرامية عن نكبة متكررة تستنسخ نكبات جديدة، هجرة جديدة تفاقم الأزمة القديمة، عن الواقع ما بعد فشل أهداف الثورات العربية، أو تكاد، في الوصول للعدالة الاجتماعية. ستلحظ العروض واقع الوجود الفلسطيني في الأردن، لجهة الاندماج والفروق، والتداخل والتمايز البرنامجي. أما في مناطق 1948، يُشير الواقع إلى هجمة باتجاه الأسرلة والتهويد والتطويع، ترسانة القوانين العنصرية وتشديد قبضتها، ربط الحقوق المدنيّة بالولاء للدولة اليهوديّة، دفع الواقع نحو مزيد من التخلف الاجتماعي. كما يُشير الواقع إلى الاتجاه العقائدي الذي يعمل على فرض رؤيته الاجتماعية على المشهد الكلي، عدم اعترافه بالتعددية الفكرية والاجتماعية في واقع مُركَّب وبالغ التعقيدات، الاضطهاد القومي والعنصري والاستعلائي من جهة، والقمع الاجتماعي على أساس الجنس من جهة أخرى. في رأس قائمة التحديات لا بد من لحْظ العامل الذاتي الداخلي، أزمة الضعف العام بسبب الانقسام والتفكيك والتجزيء، التفرد والهيمنة والشرذمة، الذي ينعكس تلقائياً على المؤسسات النسوية بشكل أوضح، ليس بسبب العلاقة العضوية مع الحركة الوطنية التي تنطبق على جميع القطاعات، بل بسبب وضع المرأة في المجتمع كقطاع يعاني من التباس وارتباك في دوره ومكانته القانونية، الإصرار على التعامل معه والحفاظ عليه في حكم الأقلية، التباس موقف الطبقة السياسية على صعيد مشاركة المرأة وحجم دورها ونوعيته، خلط وتمويه المشاركة الحقيقية بالديكورية. أزمة الحركة النسائية، أزمة الأدوات التنظيمية، ضمور عمقها القاعدي، فقد حيويتها مع استبعاد العنصر الشبابي عن قيادتها. عدم طرح رؤيتها للتغيير الاجتماعي وقلب البيئة الاجتماعية. التحديات الجسام تتطلب تقوية العامل الذاتي، باستعادة الدور القيادي الوطني للمرأة في ميدان الصراع مع الاحتلال، الدفاع عن الأرض، مقاطعة البضائع الإسرائيلية، استخدام الأدوات الدولية في محاسبة ومساءلة الاحتلال. توسيع التحالفات مع القوى النسائية العربية الثورية على قاعدة تبادلية التضامن، الخلاص من المحن والمعاناة الناجمة عن الحصار والهجرة والإرهاب الذي يهاجم مجتمعاتنا دون رحمة. التضامن مع محنة النساء العربيات والفلسطينيات مهمة مشتركة، لوقف محاولات التفكيك والتجزئة وترك كل طرف يواجه أزمته ومحنته منفرداً. للمقال والأجندة بقية. جريدة الايام الفلسطينية
×
الثامن من آذار.. الورود لم تعد تكفي
خلال السنوات الاخيرة دأبت العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة على القيام بالأنشطة والفعاليات المختلفة احتفالاً بذكرى الثامن من آذار، وهو يوم المرأة العالمي. وتنوعت الفعاليات تنوع المؤسسات والأفكار والإمكانيات وغيرها من الأمور التي تشكل الأساس لإحياء هذه المناسبة، أو التعبير عنها. وهي بالإطار العام تعبير رمزي يراد منه الإشارة الى الإقرار والإعتراف بالحقوق المتساوية للنساء في مجالات الحياة كافة، أسوة بالذكور. وكذلك التعبير عن رفض مبدأ التمييز ضد النساء بكل أشكاله وأنواعه وما ينتج عنه من انتهاك للحقوق تصل الى درجة انتهاك أبسط واهم الحقوق الإنسانية وهو الحق في الحياة. أساس فكرة هذا اليوم جاءت تاريخياً تخليداً لذكرى العاملات اللواتي سقطن في هذا اليوم من العام 1956 في مدينة نيويورك على يد قوات الإمن التي استخدمت العنف في مواجهة احتجاجي إضراب للعاملات على ظروف وشروط عملهن القاسية، وللمطالبة بتحسينها. مضت عدة عقود حتى أحيت بعض الأحزاب السياسية والحركات الإجتماعية في الولايات المتحدة نفسها تلك المناسبة بتظاهرات عام 1908حمل المشاركون فيها ذكوراً واناثاً الورود تعبيراً عن سلميتها في نفس تاريخ ذلك اليوم. ومرت عدة عقود أخرى حتى أقرت الامم المتحدة في العقد الذي اطلقته في العام 1975 تحت اسم "عقد المرأة" إعتبار يوم الثامن من آذار كل عام مناسبة عالمية، تعبر عن رمزية النضال من أجل تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في كل مناحي الحياة. العقد الذي اقرته الامم المتحدة (75-1985) والمؤتمرات الثلاث التي عقدت خلاله في كل من المكسيك، كوبنهاجن ونيربوبي، والمؤتمرات اللاحقة في بكين وغيرها شكّل نقطة التحول التي أعطت رمزية هذا اليوم العالمي آليات مناسبة لتهيئة الظروف وتحويل المعاني الرمزية له الى حقائق على أرض الواقع. وشكلت الوثائق والدراسات التي ناقشتها هذه المؤتمرات، وشمولية المشاركين فيها كل أنحاء الكرة الأرضية، وتمثيلها لكل المؤسسات الرسمية والشعبية بمثابة كرة الثلج التي أنتجت في تدحرجها إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي إعتمدتها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في العام 1979. ومع استمرار تدحرجها أنتجت آليات للرقابة على تنفيذ الإتفاقية وقياس مدى التقدم الحاصل على التقيد بنصوصها وبنودها. بدون الانعزال عن هذه التطورات، وبجهود الحركة النسوية الفلسطينية والهيئات والمؤسسات المناصرة لها تصاعدت الجهود ووتيرة النضال من أجل مكافحة التمييز والعنف ضد النساء، ومساواتهن في مختلف مجالات الحياة. وإنخرطت مؤسسات المجتمع الفلسطيني عموماً، والنسوية والحقوقية منها خصوصاً فيما يشبه ورشة عمل متواصلة لتقصي جذور ومنابع التمييز والعنف ضد المرأة، والبحث عن السبل والوسائل التي تكفل تفكيك حلقاته المختلفة وكسرها، كمقدمة لبناء أسس صحيحة لمجتمع ديمقراطي فلسطيني تسوده العدالة والمساواة. في التاريخ القريب ساهمت مشاركة النساء الفاعلة في مجرى النضال الوطني الفلسطيني للاستقلال والتحرر من نير الإستعمار عاملاً اضافياً أعطى دفعة لتأسيس مجموعة مفاهيم ومصطلحات مرتبطة بالمساواة والعدالة، وجدت تعبيرات وأشكال مختلفة عنها في الوثائق والأدبيات التاريخية والقانونية الفلسطينية المعاصرة كوثيقة استقلال دولة فلسطين التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من تشرين ثاني عام 1988، ثم لاحقاً في عدد من نصوص ومواد القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003، الذي يعتبر بمثابة دستور مؤقت لدولة فلسطين، وكذلك الحال في بعض القوانين والتشريعات اللاحقة كقانون الإنتخابات العامة وقانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية والعمل .. وغيرها من القوانين، الأنظمة، اللوائح التنفيذية، والقرارات الحكومية التي شكلت جميعها أسس معقولة لإنطلاق عجلة النضال من أجل المساواة بوتيرة أقوى وأسرع، وتطبيقات محددة تتناول كل حلقات العنف والتمييز وتعمل من أجل تفكيكها وكسرها. إذا كانت مصادقة دولة فلسطين على اتفاقية "سيداو" في نيسان عام 2014 بدون تحفظات على أي من موادها وبنودها ثمرة من ثمار هذا الجهد والعمل النضالي المتواصل، فإنها في نفس الوقت شكلت بمثابة رافعة إضافية من الممكن أن تساهم في دفع المسيرة الى الأمام، وإعطاء مفاهيم كالعدالة، المساواة معنى واقعي وملموس في كل مجالات حياة المجتمع. ومن المتوقع أن تساهم آليات الرقابة المعتمدة في الامم المتحدة في دفع المسيرة قدماً الى الأمام. وتشكل ثالثاً محل الإختبار الحقيقي والملموس وإمتحان فعلي للقدرة على تحويل المفاهيم والإلتزامات النظرية الى خطوات وأفعال تعكس وتعبر عن مدى الإستعداد للإلتزام بما تم التوقيع عليه. قدمت دولة فلسطين تقريرها الأولي الأول الى لجنة الامم المتحدة المعنية بمتابعة مدى التقدم الذي تحرزه الدول المعنية في تطبيق نصوص اتفاقية سيداو في آذار عام 2017، ثم قدمت مؤسسات المجتمعات المدني ما اصطلح على تسميته "تقرير الظل" الذي تعبر فيه عن رؤيتها، ومن زاويتها هي، ونظرتها لمدى النجاحات التي حققتها الجهات الرسمية في التقيد بالإتفاقية وكذلك الإخفاقات، وأبرز التوجهات التي يمكن التركيز عليها وفق أولويات هذه المؤسسات ورؤيتها لنصوص الإتفاقية مقارنة بالواقع القائم. رغم أن التقرير الرسمي لدولة فلسطين يشير على مدار ما يزيد عن (70) صفحة الى التقدم الذي احرزته الدولة في مجال تطبيق الاتفاقية، ويعدد كل الخطوات والتطورات في المجالات كافة، إلا أنه يعترف في أكثر من مكان بأنه لا يزال هناك العديد من الجوانب التي يتوجب العمل عليها حتى بلوغ مرحلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع. وكذلك الحال بالنسبة لتقارير الظل التي قدمتها مؤسسات المجتمع المدني، التي وإن أقرت أن هناك تقدم تم إحرازه فعلاً، إلا أنها إجمالا أشارت الى أن الهوة لا تزال شاسعة بين الإلتزامات والتعهدات وبين تحويلها الى خطوات ملموسة على ارض الواقع. وبدون الخوض في تفاصيل التقرير الرسمي للدولة وتقارير الظل فإنه يمكن إجمال القضايا التي لا تزال تحول دون التطبيق الفعلي لنصوص الاتفاقية فمن خلال نظره على مجمل القضايا التي أشارت لها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (لجنة "سيداو") في إجمال إستفساراتها وملاحظاتها على التقرير المقدم من دولة فلسطين، والتي من المتوقع أن تتلقى رداً رسمياً عليها خلال دورة اجتماعاتها المقبلة في تموز القادم من هذا العام. في مجال التشريعات والسياسات تتساءل اللجنة عن الخطوات التي إتخذتها الدولة لموائمة التشريعات مع نصوص الاتفاقية، ويشمل ذلك نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية والأثر القانوني الذي قد يحدثه هذا النشر. كما تتساءل اللجنة عن التدابير التي إتخذتها الدولة لإلغاء كل التشريعات التي تميز ضد النساء. وتشير اللجنة هنا بشكل خاص الى "قانون الأحوال الشخصية"، ونوع التدريب الذي تقدمه الدولة للقضاة والمحامين والأئمة للتأكد من أن نصوص الشريعة الاسلامية لا تتناقض مع نصوص الاتفاقية. وتطلب اللجنة من الدولة تبيان الخطوات التي تم إتخاذها في مجال إستكمال عمليات المصالحة، وخاصة فيما يتعلق بإنتظام عمل المجلس التشريعي لاحقاً وممارسته لدوره في التشريع، وقيامه بمهمة توحيد القوانين في الضفة الغربية وقطاع غزة. والآليات التي يمكنه إتباعها في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية عامة، وفي مجال التأكد من أن التشريعات المستقبلية تتوائم مع نصوص الاتفاقية خاصة. كما تسأل اللجنة عن عملية جمع وتصنيف البيانات المرتبطة بموضوع التمييز ضد النساء، وما الذي تنوي الدولة إتخاذه من إجراءات لتحديد الجهة المسئولة عن هذا الأمر. في مجال التقاضي، فإن اللجنة تشير الى أهمية موضوع المساواة في القدرة على الوصول الى القضاء، والتدابير التي إتخذتها الدولة لضمان حصول النساء على هذا الحق. كما تشير اللجنة الى شكل العلاقة بين المحاكم الدينية والمدنية، والعلاقة بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، وتتساءل إذا ما كان بإمكان النساء اللجوء الى المحاكم المدنية للإعتراض على قرارات تصدر عن المحاكم الدينية. وهو بغية التأكد من أن نص المادة (30) في القانون الأساسي الفلسطيني التي تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة" يجد له تطبيق فعلي على أرض الواقع. بالنسبة لدور وزارة شؤون المرأة كجهاز مسئول عن تحقيق المساواة للنساء، وكذلك بالنسبة لوحدات النوع الأجتماعي في الهيئات الحكومية، فإن اللجنة تطلب توضيحات من الدولة حول طبيعة التحديات التي تواجهها، والإمكانيات والموارد البشرية والمالية التي توفرها لها الدولة لتمكينها من أداء دورها في مختلف المجالات. كما تتساءل اللجنة عن التدابير التي إتخذتها الدولة لمكافحة القوالب الإجتماعية النمطية والممارسات الضارة التي تكرس الأدوار النمطية والتقليدية بين المرأة والرجل، وما هي خطط الدولة من أجل تغيير هذه القوالب النمطية السائدة في الثقافة المجتمعية. وقدرة هذه التدابير على مواجهة بعض الممارسات الإجتماعية السائدة كالزواج المبكر مثلاً. في مجال مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة، فإن اللجنة تتساءل عن التدابير المتخذة من الدولة من أجل تعزيز مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار وخاصة في المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الأجهزة والمؤسسات العامة، حيث لا تزال نسب مشاركة النساء ضعيفة ولا ترقى لمستوى المساواة المطلوبة. وبالنسبة للمساواة في التعليم فإن اللجنة تركز على معرفة مدى التقدم ونوع التدابير المتخذة خاصة على صعيد تطوير مناهج التعليم، بصورة تكفل التصدي للأفكار النمطية السائدة عن أدوار الرجال والنساء، وضمان إحتواء هذه المناهج على ما من شأنه تعزيز الوعي بالحقوق المختلفة للنساء، بما فيها الحقوق الصحية، الجنسية، والصحة الإنجابية، وكذلك كيفية معالجة إرتفاع نسب الأمية بين الإناث، والإجراءات الكفيلة بضمان حصول النساء على التعليم الإلزامي المجاني، وإنخراط النساء بصورة متساوية في كافة مجالات الدراسة العلمية والتكنولوجية، وزيادة التحاق النساء بالمهن التي تعتبر في الثقافة المجتمعية حكراً على الذكور، وكيفية التصدي في هذا المجال للأفكار النمطية السائدة حول الأدوار التقليدية للنساء والرجال. ينطبق الأمر ذاته على مشاركة النساء في الحياة الإقتصادية للمجتمع، ويشمل ذلك موضوع التمكين الإقتصادي للنساء، وزيادة نسبة إلتحاقهن في سوق العمل، وتحسين نوعية وطبيعة المجالات التي يلتحقن بها، وكسر االأفكار النمطية السائدة حول المهن التقليدية التي يلتحق بها كل من الرجال والنساء. كما تطلب اللجنة معرفة ما هي الإجراءات التي تتخذها الدولة لمحاربة تفشي البطالة في صفوف النساء، ومكافحة الممارسات السلبية كالتحرش الجنسي في أماكن العمل، والتمييز في الأجور على أساس الجنس. بالنسبة للحقوق الصحية، فإن اللجنة تطلب من الدولة تحديد ما هي التحديات المختلفة التي تواجهها النساء في الحصول على المساواة في الحقوق الصحية المختلفة. وكذلك الحال بالنسبة للإجراءات المتخذة من أجل تعزيز مشاركة الفئات المهمشة من النساء، كالنساء الريفيات، وضمان حقهن في الوصول الى والحصول على الحقوق الصحية والإجتماعية والخدماتية الحياتية، ونفس الأمر ينطبق على النساء ذوات الاعاقة وحقوقهن المختلفة، وبرامج الحماية الإجتماعية والإقتصادية التي تقدمها الدولة لهن. وهناك جملة من الأسئلة التي تطرحها اللجنة على الدولة لتبيان الإجراءات والتدابير التي إتخذتها أو تنوي إتخاذها لضمان التطبيق الفعال لمجمل نصوص وبنود اتفاقية "سيداو" فيما يتعلق بموضوع الزواج والعلاقات الأسرية وهو ما يمكن أن يفتح المجال لنقاش واسع حول الكثير من القضايا والأمور التي لم يتم طرقها سابقا سواء من الدولة وجهزتها أو حتى من المؤسسات الحقوقية والنسوية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني كالمادة (308) من قانون العقوبات الساري حالياً مثلاً، والتي تتعلق بموضوع إسقاط عقوبة الإغتصاب عن المُغتَصِب في حال زواجة من المُغتَصَبَة. خلاصة القول ان العرض الإجمالي الموجز أعلاه حول بعض تساؤلات (لجنة سيداو) التي يجب على دولة فلسطين الإجابة عليها في تقريرها القادم الى اللجنة تشير الى أن هناك الكثير مما لا زال يتوجب عمله سوء من قبل الدولة وأجهزتها المختلفة، أو من مؤسسات المجتمع عموماً حتى نصل الى مرحلة يمكننا القول فيها أننا قطعنا شوطاً جيداً في تطبيق اتفاقية "سيداو"، وهو ما يمكن أن يعطي مناسبة الثامن من آذار يوم المرأة العالمي طابعه الخاص على المستوى الفلسطيني. وحينها فقط يمكننا تحويل الفعاليات الرمزية التي نقوم بها إحتفالاً بالمناسبة الى معاني فعلية على أرض الواقع، لأن الورود وغيرها من المظاهر الرمزية لم تعد تكفي. مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
×
آذاريّات: مِنَح وهدايا أو حقوق والتزامات
هللت النساء ورحبت بقرار مجلس الوزراء، القاضي بحق المرأة في استصدار جوازات سفر لأبنائهن القصر، وحقها في فتح حساب بنكي لهم، وحقها في نقل أبنائها من مدرسة إلى أخرى. الترحيب والتهليل موصول على تنسيب المجلس قرار بقانون خاص بتعديل المادة 308 المتعلق بإعفاء مرتكب جريمة الاغتصاب من العقوبة لدى زواجه بضحيته. البعض اعتبر التنسيب والموافقة على التعديلات بمثابة هديّة الثامن من آذار..! لا أنفي أهمية التطورات المُشار إليها أعلاه أو الإرادة النسويّة المتواصلة التي تقف خلفها، لكني لا أرى في الأمر أي هدية، كون الخطوة علاوة على كونها حقاً مشروعاً؛ فإنها تُمَثِّلُ خطوة بسيطة تأخرت عن موعدها أكثر من عشرين عاماً، منذ تشكيل السلطة الوطنية. تأخرت رغم عديد المذكرات والمطالب النسوية المقدَّمة على طريق إصلاح القانون، مطالب مجتزأة من أجل إصلاح ومعالجة ظُلم تاريخي مورس ضد المرأة المؤسَّس على التمييز. انتهى الوقت أمام تقسيط المطالب. اعتبار إقرار المطالب المقدمة من قبل ائتلاف "إرادة" هدية بمناسبة الثامن من آذار تواضعٌ غير مُسْتَحب، "إرادة" هي الهدية للحركة النسائية الفلسطينية. اعتبار التعاميم المفترض صدورها هدية؛ تقليل المرأة من شأن ذاتها، تستحق أكثر. الهدية تَنْزَع صفة الحق عن المطالب، نتحفظ عليه. أولاً وأخيراً وُجِدَت الحكومة والمجلس التشريعي والبنى الرسمية على ذات الشاكلة لخدمة المجتمع والنهوض به. إن الالتزام الذي تعهدت فيه دولة فلسطين بانضمامها إلى الاتفاقيات والوكالات الدولية المختلفة يعطيها أكثر، ونفترض أن عليها الذهاب نحو تجسيد التزاماتها طوعاً. مرجعياتنا المحلية و"سيداو" أعطونا أكثر، لِمَ نجحف بذواتنا!؟ لماذا نساعد في الجلوس بالمنطقة الرمادية، قد يغلب السواد أو البياض، لكن اللون يبقى رمادياً مغبشاً. انتزاع المكتسبات بالقطارة؛ نقطة نقطة، يشرع إجتزاء الحقوق، ويعطي انطباع الموافقة على القبول بالتدرج، ينطوي ضمناً على الانتقاص من عملية المواءمة الكاملة. يفتح المجال أمام عملية "الأخذ والرد" والمساومة على الحقوق. تحصيل المكاسب على مراحل وجرعات، تعبِّر عن إقرار عملية فرز القضايا والحقوق القانونية على أساس صعوبتها بالاستناد إلى معايير الثقافة التقليدية السائدة. ويوصل رسالة تَفَهُّم ذرائع وأسباب تردد أصحاب القرار. التَفَهُّم يعطي الانطباع العام حول الإقرار بموضوعية التردد وعدم الحسم، والتكيُّف مع الحالة المترددة عوضاً عن الدفع نحو حسم الجدل القائم بين وجهتيّ نظر على الأقل في فضاء الساعيات نحو العدالة والمساواة، الوجهة الجذرية والتدرجية، لصالح مواءمة القوانين، وفقاً لما يمنحه حق المواطنة، والرؤية الشاملة لتطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. رفض التجزئة والقبول بتنقيط الحقوق وفرزها يخلق المناطق الرمادية. المكتسبات المتحققة بما ولَّدته من نقاشات روتينية دائماً، تطرح على بساط البحث مسألة في غاية الأهمية، عن عدد المرَّات التي علينا فيها خوض النقاش لدى التقدم بمطلب تعديل بند قانوني أو اثنين أو أكثر، وهو في المناسبة نقاش واحد على خلفية منطلقات أيديولوجية واحدة. فلماذا نستمر في الاستدراج نحو النقاش ذاته مع كل مطلب. لنفتح ونستدرج الجميع إلى نقاش الأصول: الخلاف الأيديولوجي، نقاش الأهلية القانونية للمرأة والولاية عليها والخصوصية الثقافية اللصيقة بها..أليس من الأولى فتح النقاش على مصراعيه من أجل عملية المواءمة؟ أليس حرياً بنا الضغط من أجل الإجابة عن الأسئلة المقدمة من قبل لجنة "سيداو" بحق التقرير الوطني الأول؟ ألا يجدر بنا مطالبة الحكومة تجسيد الإرادة السياسية التي وقفت خلف الانضمام لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالحقوق الاجتماعية، باتجاه تحقيق المساواة الحقيقية وليس الشكلية. لقد ظهرت المنطقة الرمادية منذ عدم نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وهو ما أُشير له في قائمة الأسئلة الموجهة للسلطة التنفيذية من قبل لجنة الاتفاقية. الخروج من المنطقة الرمادية يتطلَّب استكمال المتطلبات الإجرائية ونشر الاتفاقية بموجب القانون رقم 8 للعام 2008 حتى يكون «التنفيذ بمواجهة الكافّة». الخروج من المنطقة الرمادية بمزيد من المكاسب، التوقيع على البروتوكول الاختياري الإضافي، تحصين حقوق النساء كأفراد وتمكينهن من الوصول إلى العدالة، يتطلب مطالبة السلطة التنفيذية عقد المشاورات بين المجتمع الحكومي والمدني بانتظام، وآلية منتظمة للوقوف والتداول حول مسار المواءمة، وعلى قائمة المنطلقات التي ينبغي أن يُدار حولها الحوار وتتأسس عليها رؤية المواءمة، وفي مقدمتها هوية الدولة التي وضعت أساساتها وثيقة الاستقلال، وإقرار الدستور الضامن للحريات العامة والخاصة. أختم: نحن نساء وبنات فلسطين، نؤمن بما نؤمن، ولتُحمل معنا مطالبنا التي نؤمن. نطالب بجذرية المواءمة القانونية مرة واحدة، ونقبل بتدرجية تطبيق السياسات الهادفة إلى التغيير، تغيير البيئة الاجتماعية والثقافية. جريدة الايام الفلسطينية
×
'جبّ الديب' من خلال عيون نسائها
في «جُبّ الديب» في محافظة بيت لحم، كل شيء مختلف عن باقي المناطق المستهدفة من قبل الاحتلال. حتى مدرستها التي تحمل اسم «تحدي 5» تختلف عن باقي المدارس. تَتَكوَّم المدرسة تحت أقدام جبل «الفرديس»، ثلاث غرف من طوب و»زينكو» بُنِيَت على عجل، بجهد وإرادة خالصة من الأهالي ودعم من وزارة التربية والتعليم. قبل بناء المدرسة هذا العام، كان الطلبة يذهبون الى مدرسة في بلدة زعترة التي تبعد ثلاث كيلومترات عن الجبّ، طريق طويل أدى إلى تسرب التلاميذ. وقبلها أزال الاحتلال «الكرافانات» التي نُصبت من قبل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان على أرض وعرة. بنيت مدرسة مكان الكرفانات، المدرسة ما زالت مهددة بالتدمير أو تسرب الطلبة، لبدائيتها وبعدها عن القرية المنسية. «جب الديب» تشبه اسمها فقط. لا منطق للحياة في القرية، بلد الممنوعات. ممنوع عليها التنفس والشرب والضوء أكثر مما هو مخصّص لها. تخطيط منهجي لتهجير سكانها. لقد حقق المخطط الاحتلالي نجاحات هامة، هاجرت اثنين وعشرين عائلة، كسباً للرزق والأمن. «جُب الديب» التي تعيش على أحد أضلاع مثلث رأسه الجبل؛ مُسيْطَر عليها بواسطة نظام قمعي جهنمي يُدار من داخل الجبل التاريخي، مدعّم بنظام مراقبة حديث، كاميرات تطير على منطاد يمسح المنطقة أسبوعياً. تراقب الكاميرات الطائرة أي تغيير طارئ على القرية، في حال تجرأ أحد السكان على استبدال سقف الزينكو بآخر من اسمنت، أو أي تغيير مهما كان بسيطاً. حينها لا يهبط الحارس الأمني من جبله لإعادة الأمور الى النظام، بل يسائل الناس عبر مكبِّرات الصوت، مطالباً إزالة الإضافات بأيديهم! نذهب لتوثيق ما هو معلوم، ربما. نجمع شهادات وإفادات وفق مصطلح من جملة مصطلحات نتعاطاها يومياً، كأنها البلسم الشافي. نقف على انتهاكات الاحتلال، الفردية والجماعية، من خلال عيون النساء. من اهتمام النساء الخاص بالشوارد والتفاصيل وممارسة الأدوار المختلفة. دعوا لسانكن يروي حكاياتكن اليومية مع نظام السيطرة في جبل «هيرودتس»، الجبل الكنعاني «الفريديس» الذي يتَهّود. قد يجدي التوثيق نفعاً في يوم ما، أنتن لساننا الجمعي. حديث غير متكلَّف، يخرج بعفوية عن القوالب والأطر والمقدمات. عن البحث عن حياة جديرة بالحياة. ثمّة نظام محكم التدبير في داخل الجبل المخروطي الشكل، نظام السيطرة في السجن المُسمى «جبّ الديب» ينتقل من الامهات الى الأبناء، يتعلم الأطفال وقْع وواقع الحياة في القرية الصغيرة من أمهاتهن، كما يتعلم العامل الصغير صنعته من معلمه. يتعلمون أسرار الحركة المتاحة لهم في المكان، أصول التنقل واللعب والزرع. السجناء الجدد لا يختارون سجنهم، بل يرثونه من الأرحام المسجونة في بئر بلا قرار. مكان غير مُتاح في وطن تتعدد فيه: أشكال وأبعاد ومآلات السجون. خمس وعشرون امرأة تروي الحكاية، بالنيابة عن مئة وستين نسمة هم كل سكان القرية، عن افتقاد المواصلات، عن عيادة مفقودة، عن ولادات منزلية، عن حالات طارئة، عن دعم وسائل ومقوِّمات الصمود، الثبات في المكان. باقون، يبحثون عن حياة جديرة بالحياة. النساء في الجبّ اللواتي تمتعن بالكهرباء لمدة ستة أشهر قبل أن يدمر الاحتلال الخلايا الشمسية التي وضعتها السلطة، تعرفن على أفلام «الكرتون» مع الأبناء، تمتعن بترف الثلاجات والغسالات والشبكة العنكبوتية. تمتعن صدفة بفتح حسابات على «الفيس بوك». منذ تلك اللحظة تصيبهم الرعشة لدى الحديث عن الماء والكهرباء، ما يفوت أولادهن من معارف وأنشطة يتمتع بها غيرهم. يبحن بأحلامهن وكوابيسهن الدائمة. في الوطن لا تتحقق العدالة الاجتماعية بذات القدر والمستوى، النساء في جب الديب لسن كالنساء في رام الله وغيرها من المدن والبلدات. انهن قويّات ومُمَكَّنات من أداء مهامهن في الصمود والمقاومة. النساء في «جُب الديب» يتسللن الى الجبل لفتح صنبور المياه الذي يتحكم به الاحتلال، النساء يبحثن عن من يقدم المساعدة لتطوير المدرسة..النساء هناك رَدَدْنَ جميع العروض السخية المقدمة من مؤسسات على أعقابها، عروض التمكين والتدريب، متمسكات بمطلب واحد فقط، تمكين الحياة من الاستمرار، تقوية الصمود: «نريد الكهرباء أولاً، نريد مواصلات، تطوير المدرسة ومنع تسرب الطلبة. «جُب الديب» وغيرها من القرى التي تنتهك فيها انتهاكات جماعية، جبارة ويانون وجب الديب وعزون وخربة زكريا وغيرها، يصارعون من أجل البقاء. وتوفر عوامل الصمود والثبات مهمة مقدسة على الجميع الايفاء بها. توزيع عادل للخدمات والموازنات، عبر خدمات نوعية تصنع الفرق، ماء وكهرباء ومرافق. جريدة الايام
×
يوميات مواطن عادي (74)
مما لا شك فيه أن النساء عموماً هنّ من اكثر شرائح المجتمع الفلسطيني ابتهاجاً وفرحاً بإنهاء حالة الانقسام السياسي وعودة روح الوحدة بين ابناء المجتمع الفلسطيني بأطيافه السياسية والوطنية والاجتماعية المختلفة. بل لعبت الحركة النسوية على امتداد سنوات الانقسام العشر الماضية دوراً متقدماً في إطلاق العديد من المبادرات وقيادة الكثير من الفعاليات التي هدفت إلى تعبئة المجتمع الفلسطيني عموماً وتنظيم حركته باتجاه الدفع لإنهاء حالة الانقسام. وكانت النساء الفلسطينيات في طليعة المبادرين الى الترحيب بالتطورات الايجابية في ملف المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، والذي تمثل في الزيارة التي نظمتها الحكومة الفلسطينية الى قطاع غزة في الثاني من تشرين اول الحالي، وسرعان ما بادر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في اليوم التالي الى الدعوة لاجتماع موسع للأطر والمؤسسات النسوية صدر عنه بيان أشارت اولى فقراته إلى الترحيب بالتطورات الحاصلة في ملف المصالحة، والدعوة إلى تعزيزها وتجذيرها والتصدي لأية معيقات قد تقف في طريق إتمامها. لعل هذا الأمر أحد أهم المؤشرات ليس فقط على الدور الهام الذي تلعبه النساء عموماً في مجمل النضال الوطني التحرري الذي يخوضه المجتمع الفلسطيني في سبيل الخلاص من نير الاحتلال، وبما يفتح الطريق أمام تطور وتقدم هذا المجتمع. وإنما أيضا تعبير واضح عن انخراط النساء في مجمل حياة المجتمع وقضاياه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ووضعها في أولويات النساء ومؤسساتهن على اختلافها. وانخرطت النساء الفلسطينيات، إلى جانب هذا الدور الوطني الهام، في نضال طويل وعنيد من أجل حقوقهن الديمقراطية والاجتماعية، في ظل بيئة اجتماعية- اقتصادية- سياسية وقانونية صعبة ومعقدة، يتداخل فيها الموروث الثقافي مع الوضع السياسي، والبيئة القانونية مع وجود الاحتلال، والانقسام السياسي والجغرافي مع وحدة الحقوق، وعدم إمكانية تجزئتها. كل ذلك أضاف لنضالات الحركة النسوية تعقيدات فوق تعقيدات، واتضح في المحصلة النهائية أن النتائج التي تحققها صغيرة ومتفرقة هناك وهناك، واحياناً لا تكاد ترى بالعين المجردة، وفي التطبيق العملي على ارض الواقع. واذا كان هناك من استطاع أن يدرك المغازي والسلبيات الحقيقية للمعاني والتطبيقات السلبية لحالة الانقسام السياسي، فإن النساء عموماً سيكنّ في طليعتها. فقد خبرت النساء على امتداد العشر سنوات الماضية زيادة في حالة التفكك والتشرذم الاجتماعي والوطني، وانعكست أكثر تجلياته السلبية على النساء، عبر ارتفاع وتيرة العنف ضدهن، وزيادة انتهاك حقوقهن في مختلف المجالات وعلى كافة الاصعدة. وانعكست حالة تعدد السلطات والسيطرة السياسية والقانونية في زيادة الصعوبات والتعقيدات التي تواجه محاولاتهن المستمرة للتصدي للعنف ومواجهته، وتحصيل بعض الحقوق المنتهكة. فضلا عن معاناتهن الناتجة عن استمرار وجود الاحتلال وسياسته القمعية ضد المجتمع الفلسطيني عموماً، والتي طالت في أصعب درجات انعكاساتها السلبية النساء الفلسطينيات. وعلى امتداد سنوات الانقسام لم يخل خطاب الحركة النسوية، سواء من خلال الدراسات والبيانات وخلال الاجتماعات والندوات وورش العمل والمؤتمرات وغيرها، من الإشارة بشكل أو بآخر إلى أن أهم التحديات والصعوبات التي تواجهها النساء هي حالة الانقسام والتفكك السياسي، والمطالبة بتجاوزها والتغلب عليها. وكذلك في تعداد الجوانب السلبية المترتبة على ذلك على النساء خاصة والمجتمع الفلسطينية عامة، وفي مقدمتها تراجع دور السلطة التشريعية سواء من ناحية سن التشريعات والقوانين، أو الرقابة على أداء السلطة التنفيذية من ناحية أخرى، وفي كلتا الحالتين كانت النساء في مقدمة المتضررين. ومع استمرار حالة الانقسام، وأخذ الرئيس الفلسطيني نهاية عام 2007 على عاتقه سن القوانين والتشريعات الجديدة، استنادا إلى نص المادة (43) من القانون الأساسي التي تعطيه صلاحية ذلك، لسد الفراغ القانوني الناتج عن غياب انتظام المجلس التشريعي. وبصورة اجمالية لم تتعد تلك المتعلقة منها بحقوق النساء نسبة 2% من مجموع القوانين التي أصدرها الرئيس الفلسطيني خلال عشرة اعوام، والتي زادت عن (140) قرارا بقانون، وكان أبرزها القرار بقانون رقم (7) لسنة 2011 لتعديل المادة (304) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية، والمادة (18) من قانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936 الساري قطاع غزة. وهي لم تؤد الى معالجة التمييز الواقع ضد النساء، أو مواجهة حالات قتل النساء، خاصة تحت مسمى "شرف العائلة" وهو ما تطلب قرارا آخر بتعديل المادة (98) من قانون العقوبات الأردني. وهاتان المادتان لهما صلة بما اصطلح على تسميته "العذر المحلل والمخفف"، الذي كان يشكل أرضية قانونية مشجعة للعنف ضد النساء وقتلهن، وقاعدة لتخفيف عقوبات مرتكبي الجرائم ضدهن. أما في قطاع غزة، فقد واصل المجلس التشريعي عقد اجتماعاته وممارسة عملية التشريع، ولم يكن للنساء أي حصة إيجابية في ما يقارب من (50) قانون أقرها المجلس طوال السنوات العشر. وهكذا فقد كان الانقسام سبباً في عدم صدور قوانين وتشريعات ناضلت الحركة النسوية سنوات طويلة من اجل تشريعها. وبقيت أغلب التعديلات المقترحة على بعض القوانين، ومشاريع قوانين أخرى كالعقوبات والأحوال الشخصية، والتي تم تطويرها خلال عدة سنوات بمشاركة قطاعات واسعة اجتماعية ومؤسساتية رسمية وغير رسمية حبيسة الأدراج. وكانت مجمل التمنيات والطموحات التي عبر عنها الخطاب النسوي تدور في إطار عقد الكثير من الآمال على أن انتهاء الانقسام وانتظام عمل السلطة التشريعية وعودتها إلى ممارسة دورها ستشكل مدخلاً يعزز إمكانية تعديل عدد من التشريعات، وتشريع عدد آخر منها سيسهم في توفير أرضية قانونية تعزز جهود مكافحة العنف ضد المرأة، وتمهد الطريق لتعزيز فرص تغيير الموروث الثقافي التقليدي القائم على الاضطهاد والتمييز ضد المرأة. يقولون، ان النساء دائماً هن أول المتضررين، وآخر المستفيدين. وهي مقولة اكتسبت نوعاً من الشمولية والتعميم، ليس على المستوى الفلسطيني فقط، وإنما في السياق العالمي. فكانت النساء دائماً أكثر الشرائح والفئات تضرراً في زمن الحروب والنزاعات المسلحة، وهو ما أثبتت التجربة العالمية صحته، وزاد وضوحه خلال السنوات الأخيرة في محيطنا العربي، وخلال أحداث ما اصطلح على تسميته "الربيع العربي"، الذي شهد عمليات قتل وتشريد واسعة كانت النساء أكبر ضحاياه. وتحملت النساء اعباء القتل المباشر لهن والاعتقال والتهجير والاستغلال الجسدي والجنسي، وغيرها من أشكال العنف وانتهاك الحقوق، فضلاً عن تحملهن أعباء إضافية في رعاية الأسر التي تشتت وتشردت و/أو فقدت مصادر دخلها ورزقها. وفي كل الحالات التي كانت تلوح فيها في الافق بوادر لإنهاء حالات الصراع وايجاد الحلول، فانه يجري في الغالب استثناء النساء ليس فقط على مستوى المشاركة في صناعة الحدث، وإنما في تقدير والاهتمام بحاجاتهن ومتطلباتهن أيضا. أما الآن، وقد بدأت تلوح في الافق اولى البشائر لإنهاء حالة الانقسام، فإن هناك العديد من التحديات، او على الأقل التساؤلات التي تطرح نفسها. وفي مقدمتها: هل ستنعكس ايجابيات الوحدة وإنهاء الانقسام على النساء؟ ربما يكون من المبكر الإجابة الواضحة على السؤال الذي يمكن أن يتفرع عنه أسئلة وتساؤلات اخرى. لكن هناك العديد من المؤشرات التي تتطلب الانتباه لها وفي مقدمتها دور النساء في صناعة القرار السياسي. فإلى أي مدى شاركت النساء في القرارات التي قادت إلى مجمل التطورات الحاصلة في موضوع إنهاء الانقسام؟ وإلى أي مدى يمكن أن تشارك في القرارات اللاحقة المرتبطة بمجمل تفاصيل تطبيق ما يجري الاتفاق عليه على أرض الواقع؟ وأين سيكون مكان المرأة وقضاياها في سلم الأولويات من بين القضايا المطروحة على طاولة البحث التفصيلي لإنهاء حالة الانقسام؟ بين العام 2007 واليوم هناك الكثير من المعطيات التي فرضت نفسها وفي مقدمتها توقيع السلطة الفلسطينية على سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" دون اية تحفظات على موادها وبنودها. وهو ما يضع على الطاولة، وامام كل الأطراف جملة من التحديات التي يتوجب التعاطي معها وتضمينها في الاولويات الرئيسية لإتمام وتكريس المصالحة وإنهاء الانقسام. أما التحدي الرئيس الذي يطل برأسه أمام الحركة النسوية خاصة، ومجمل القوى الديمقراطية عموماً فهو هل سيشكل انتظام عمل السلطة التشريعية فرصة للنساء ام سيكون بمثابة تحد جديد؟ فمن المعروف ضمناً ووفق النظام الأساسي الفلسطيني أن مجمل القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس الفلسطيني سيجري عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها عند انتظام عمله، وهذا يعني أنه حتى تلك "الانجازات" البسيطة التي استطاعت الحركة النسوية تحقيقها، والتي كما أشرت إليها أعلاه لم تتعد نسبة 2%، ستكون محل نقاش في المجلس التشريعي. وفي ظل التركيبة الحالية للمجلس التشريعي، ما هو مصير بعض القوانين والتشريعات المفصلية التي قبعت في الأدراج لفترة طويلة كقانوني العقوبات والأحوال الشخصية؟ وحتى تلك "الانجازات" البسيطة هل ستصمد أم ستكون كلها في مهب الريح؟
×
«رابطة المرأة الفلسطينية العالمية» في الخارج
كاد المريب أن يقول خذوني، هذا ما يثبته البيان الختامي الصادر عن "ملتقى المرأة الفلسطينية في الخارج"، 19-20 أيار 2017 - بيروت، معلناً إطلاق "رابطة المرأة الفلسطينية العالمية"، ومؤكداً أن الرابطة: "لا تُعتبر منافساً أو بديلاً لاتحاد المرأة الفلسطينية، وإنما هي هيئة شعبية تعنى بشؤون المرأة الفلسطينية شأن كل الهيئات الشعبية التي تعتني بقضايا المرأة الفلسطينية". وحدد البيان القضايا البرنامجية التي ستتبناها "الرابطة"، وبما يؤكد على برنامج مزدوج، وطني واجتماعي، يجمع بين "دور المرأة في الصراع الوطني" ودورها في "العناية بالمرأة والأسرة الفلسطينية في الشتات"، وتعزيزها "الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والقانونية والمهنية"، وينتهي البيان بتحديد أهداف الرابطة في بناء علاقات تعاون وتنسيق مع المنظمات العربية والدولية؛ بما يخدم القضية على الصعيدين، العام والخاص، الوطن والمرأة. لا يُبذل الكثير من الجهد لقطع الشك باليقين، حين اعتبرت الدعوة أن عقد الملتقى تجسيداً وترجمة لقرار "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" الذي التأم في شباط الماضي في "استانبول" بدفع منهجي من حركة "حماس"، وقيامه تشكيل هيئة تأسيسية، واضعاً برنامجاً شاملاً، وطنيا وسياسيا واجتماعيا. لم يثر المؤتمر النسائي الضجة التي أثارها المؤتمر الشعبي، مر بهدوء دون أن يُعَكِّر صفْوَه بيانات أو مواقف معارضة. لم يقصد الملتقى الحشد كما استهدف المؤتمر الشعبي، حيث حرص المنظمون والمنظمات ألا يقل عدد المشاركات بأعماله عن مئتي مشاركة أعلنتها الدعوة! ربما درءاً للغبار الذي يمكن أن يُثار بساحة يتكثف في فضائها الصراع الداخلي الفلسطيني. إلا أن الداعيات بحثن عن إسباغ شرعية ما على أعمالهن، توجهن بالدعوة إلى عضوات من القوى النسائية في لبنان تحديداً، كأفراد بمعزل عن صفاتهن الحزبية. يتضح مما سبق، العلاقة العضوية التي تربط بين المؤتمرين، مؤتمر الخارج وملتقى المرأة. مؤتمر قطاعي يستكمل الأجندة وينفذ أحد قرارات المؤتمر العام كأحد حلقاته. خطوة متدرجة نحو تشكيل البدائل الشعبية. لم يُسْعف النص الوارد في البيان أصحابه، عدم المساس بدور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وما يمثله، ائتلاف جبهوي الجامع للمنظومات السياسية النسوية. سرعان ما تظهر حقيقة الإطار، البرنامج يجوَّف النص ويفرغه من وظيفته، استباق ردود الفعل المتوقعة، ومحاولة ساذجة لطمأنة الرأي العام والاتحاد، التمويه على طبيعة أهداف المؤتمر الحقيقية. إن لم تكن الرابطة الوليدة بديلاً، وتبرئتها من تهمة شقّ الحركة النسائية، كيف يمكن تفسير عدم قرع باب بيت اتحاد المرأة، البيت الشرعي التاريخي؟ كيف نفسر عدم لجوء قيادة الملتقى التواصل مع قيادة الاتحاد العام للمرأة في الساحة اللبنانية لطمأنته وتوضيح التخوم الفاصلة بين إطار إضافي وبين إطار بديل .. وكيف نفسِّر الدعوات الموجهة للمنظمات النسوية كأفراد وليس كأطر ذات كيان؟! لا بد من أن الملتقى قد أفرز إطاراً أُريد له أن يصبح بديلاً للاتحاد في الشتات، ينظم النساء ويقودهم بالاستناد إلى برنامج موازي لبرنامج الاتحاد. أليس في هذا تفتيت وشرذمة، وهل توقيت عقد الملتقى بعد أيام من صدور وثيقة حماس "مطلع أيار" محض صدفة؟ الوثيقة قدمت نفسها إطاراً بديلاً عن منظمة التحرير. من جهة موضوعية أخرى، لا بد من عدم وضع الرؤوس بالرمال المتحركة في الخارج. تقييم الذات والتعاطي مع المستجدات الجارية دون توقف. استمرار التمسك بخطاب نظري وغض النظر عن القصورات اتجاه فلسطينيات الشتات، تهديد الوجود والهوية، الهموم والمصاعب والتحديات. أفراد يواجهون مصيرهم وحدهم على قارعة الطريق دون غطاء وحماية، في حالة انكشاف وتخلي صارخ. ذات الحكاية دائما، عدم توازن العلاقة بين الداخل والخارج، تبادل التهميش وفق معادلة مكان وجود قيادة المنظمات الشعبية. في الحالة الراهنة، لا يجدي حديث المبادئ النظرية والسطحية نفعاً لمعالجة الهموم، لا يمكن دعوة النساء لمحاربة الانقسام والبدائل الفئوية دون تقديم الحلول وإشراكهم بالفعل والتأثير على مختلف الصعد، السياسية والبرنامجية. لا يمكن الإتكاء على الماضي الجميل لشحذ التماسك والالتفاف، وقت كان الاتحاد والأطر النسائية تمثل ماديا ومعنويا الفلسطينيات في جميع أماكن التواجد. والنساء تقابلها التمثيل الحقيقي بصدق الانتماء وتقديم التضحيات. هذا الخطاب مرت تحت جسوره المياه العادمة. لا تأثير له في الإجابة على محاولات شق الحركات الجماهيرية ومنها النسائية. وختاما، عبثاً وقف مسلسل شق الحركة الجماهيرية دون تقييم شامل للبرنامج والأداء وأدواته. قبل ذلك، التماس مبررات استجابة البعض حضور المؤتمرات. الهم ثقيل والتغيرات متسارعة تضع المصير على حافة الضياع. لقد ولّد الابتعاد وتجاهل ما آلت إليه الأحوال فراغاً وفجوات، من الطبيعي أن تتجهز قوى لتعبئته، فرصتها السانحة للانقضاض، رغم عدم امتلاك هذه القوى، في أغلبيتها أصولية وعقائدية ما تقدمه للنساء: الهوية والبرنامج الديمقراطي، من هنا نبدأ. ليس من حل سوى استعادة توازن العلاقة بين قيادة الحركات الشعبية ومجتمعات الشتات، في مركز الفعل والثقل التنظيمي، التوجه نحو عقد مؤتمرات الاتحادات ومنها المرأة، داخل الوطن وخارجه، انتخاب وتجديد الأدوات والآليات والبرنامج الوطني والاجتماعي، بشكل ديمقراطي. جريدة الايام الفلسطينية
×
الثنائيات المتقابلة إما - أو
طالب البعض بتأجيل الانتخابات المحلية بسبب إضراب الكرامة الذي اعلنه أسرانا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بزعم أنها تتعارض مع الحاجة إلى استنهاض فعاليات التضامن مع الأسرى. هذا الموقف اقل ما يقال فيه او عنه انه متسرع وتعوزه العقلانية السياسية والرؤية الشمولية، لأنه ببساطة يلتقط القشور دون تكليف انفسهم عناء التفكير بالسياق والنتائج، ويصر على وضع الأمور في حالة تقابُل وتضاد، لا يمدّ أصحاب هذا النهج التفكير على مداه واستقامته، ولا سيما ان البرنامج الفلسطيني الراهن، برنامج مركَّب يقف على عمودين رئيسيين، يسيران جنبا الى جنب: الوطني من جانب والديمقراطي والحقوقي من جانب آخر، معاً دائماً. يرتبطان بحالة جدلية دون تَغْليب ولا غَلَبة. ربط صحة المطالب بعقلانيتها. المنهج العبثي التعارضي يتشكل من محورين متوازيين يلتقيان، تحكمهما علاقة تبادلية خدمية. الخطاب الشعبوي السائد، وهو خطاب مُغْرِض في معظم الأحيان، له منطق ودوافع. لكنه لا يملك القدرة على الاستدامة أو التقدم نحو الأمام، لأنه يعاكس منطق الحياة الفلسطينية بخصوصياتها ومركباتها المستمرة إلى يوم الدين. الانتخابات المحلية ليست ترفاً كما يعتقد هؤلاء، بل استحقاق هام لا بد من احترام قواعدها ومواعيدها، ليس بالإمكان تأجيلها ولا الاستغناء عنها؛ نذكر أن عديد الفعاليات والأنشطة الجماهيرية التي نُفذت للمطالبة بعقد الانتخابات، لارتباط وظائفها الخدمية بالحياة اليومية للمواطنين.. حقا المفاهيم التجريدية ليس لها حظ في الحياة، والدليل على عدم استدامة المواقف غير الموضوعية، المصنوعة والمُفْتَعَلة، أنها تُكسَر بيد مفتعليها وصانعيها. لنتأمل في موقف حركة حماس التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات المحلية، جملة وتفصيلاً، ثم ما لبثت ان تراجعت عن مواقفها عندما عادت قبل أيام قليلة من الانتخابات، ووجهت أعضاءها إلى ممارسة الانتخاب للقوائم الأقرب إليهم، في نطاق انتخاب المجالس المحلية في الضفة الغربية. انه انتقال مفاجئ من المقاطعة إلى المشاركة بالاقتراع، علماً بأن المشاركة بالترشيح حاصلة ومعروفة، حيث ترشَّح عدد لا يستهان به من أعضاء حماس أو من في حُكمهم، محسوبين على الحركة ضمن التصنيفات المعروفة. لا يُكلف أصحاب الخطاب الأحادي النظرة، ضرورة الجدل الإيجابي قبل إطلاق خطابهم المُطْلَق، التفكير في الغايات التي من أجلها يتم مواجهة القضايا ببعضها البعض. مواجهة بين الثنائيات المعتادة، وكأنها حالة جديدة، ليستنتج أصحاب الاختصاص في زيادة الإحباط وفن الثنائيات: مقاومة أو استسلام، فعاليات وطنية تتناحر مع الفعاليات الثقافية والفنية وغيرها.. إجراء الانتخابات التفاف على إضراب الأسرى. لنضع أهل الأسرى وحالتهم خارج نقاش الثنائيات، لأننا نتفهَّم دوافعهم وقناعتهم بالفكرة، وإحساسهم باشتداد ضغط الإضراب وازدياد المخاطر على أبنائهم الصامدين مع ثبات السواكن. تفهُّم مراهنتهم المُبالَغ بها على حالة التضامن الشعبي وأثرها على تقليل مدة الإضراب. ولا جدال في القول أن إشكالية الثنائيات المتقابلة المتضادة أحد تجليات الأزمة الفلسطينية المقيمة، وهي محصِّلة لمنهج تفكير متحجر تراكم على امتداد شريط الوضع الفلسطيني وتفاقم اكثر في زمن الانقسام، حيث بات ترجيح كفة الصراع الداخلي على الصراع الخارجي الرئيسي، ويتجلى هذا بوضوح حين اشتداد الأزمات التي تضعنا في مواجهة مع فشلنا المستفحل. لقد بات ملحوظاً ان اشتداد انتهاكات الاحتلال وجرائمه لا توحّدنا؛ كما ينبغي لبديهية فطرية، لا تساعد في إدارة الصراع الداخلي، بل تظهِّر بشكل أكثر وضوحاً عطبنا وعدم قدرتنا على مواجهة التحديات، هكذا بيدنا. لأننا أبقينا على انشدادنا مركزاً على إظهار مسؤولية الفشل ورميه على الآخر. مطالبات إحراجية، حصاره بالثنائيات، تحميل المسؤولية والذنوب، الحاق الشبهات! الأمور لم تقف عند هذا الحد فالثنائيات المتواجهة، والخنادق المتقابلة، أوجدت التصنيفات السلبية: خائن وكافر ومستسلم ومفرِّط، وهذا بنظري نتيجة طبيعية للطحن الممارس بين القوى، ومحاولاتها الدؤوبة امتلاك الحقيقة وحدها. في ضوء هذا الواقع من الطبيعي ان تتحول الثنائيات الى حرب إعلامية مجوَّفة وأضحى خطابها طاغياً على ما عداه، الخطاب العقلاني والموضوعي. وأصبح كافياً كي يطفو على سطح الواقع، على شكل خطابات شعبوية تزيد من تعبنا وفرقتنا، ويزيد من حالة اليأس. خلاصة القول، إن هذه الثنائية خلقت حالة من التخبط والعشوائية والمزاجية في المواقف، وقادت الى تقلب في المواقف وتضليل للرأي العام، وهي في نهاية الأمر مواقف شعبوية تقود الى المزيد من الانقسام والتفتيت، ما لم تتوقف حرب الثنائيات. جريدة الايام الفلسطينية
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647 القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14 حي المصايف، رام الله الرمز البريدي P6058131
للانضمام الى القائمة البريدية
|