مفتاح
2024 . الجمعة 26 ، نيسان
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

تقديم

تميل دول متورطة في نزاعات قومية إلى تبني روايات تدعم عدالة نضالها وتبرز السمات والنوايا السلبية للطرف الآخر، إضافة لتحميله المسؤولية للمعاناة المستمرة نتيجة لغياب الحل. هذا ما يميز التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي في كلا الطرفين، غالباً كانعكاس لصورة مرآة، حيث يقدم كل جانب قصة معاكسة. فوسائل الإعلام الفلسطينية مثلاً تركز وتأكد في روايتها على الإحتلال -وضحاياه الفلسطينيين- ويصور الحكومة الإسرائيلية بأنها عدوانية، رافضة للسلام والمسؤولة عن أحداث العنف في المنطقة. في طرف الصراع الآخر، وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد في روايتها على أسس العنف والإرهاب في سلوك الفلسطينيين وعدم رغبتهم أو عدم قدرتهم في التوصل إلى حل. في هذة الرواية، الإسرائيليون هم ضحية صراع لا لوم عليهم فيه. وراء هذه الإختلافات في إدراك الأمور وتفسير وترجمة الواقع، نجد في الأساس أنماط متشابهة للتغطية الإعلامية في طرفي الصراع، اللذان ينكران شرعية الآخر ويحطان من قدره ويتعاملان معه بعدم أنسنة. هذه الأنماط للتغطية تزيد من الشكوك المتبادلة في كلا الطرفين، وتأجج نيران الصراع، وتجعل إيجاد حلٍ أمرا مستحيلاً.

إعتراف وسائل الإعلام بتأثيرها العميق على الصراع دفع بالمؤسسة الفلسطينية «مفتاح » والإسرائيلية «قيشيف » للعمل معا من جانبي الصراع في محاولة لتغيير الطريقة التي يتم بها تصويره في الخطاب الإعلامي، على أمل أن يؤدي مثل هذا التعاون إلى تغطية شاملة ومتوازنة، وربما نتيجة لذلك، واقع أفضل في المنطقة.

هذا الدليل العملي لتدريس القراءة النقدية للمواد الإخبارية هو وليد مشروع تعاوني فريد من نوعه ينفذ بشكل مستمر منذ عام 2004 . في هذا المشروع المشترك يقوم كل من “مفتاح” و”قيشيف” بتحليل التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام الرئيسية من جانبه، ومحاولة التأثير على الصحافيين والمحررين على تغيير أنماط التغطية المنحازة والإشكالية.

هدفين متوازيين هما اللذان قاما بإرشادنا في إصدار هذا الدليل. الأول هو أنه يهدف إلى غرس مهارات القراءة النقدية بصورة عامة، والثاني هو لتشجيع الاستهلاك النقدي لوسائل الإعلام تحديداً في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما ذُكر أعلاه وعلى مدى سنوات لعبت وسائل الإعلام في كلا الجانبين دوراً معقداً وليس ايجابياً بالضرورة في تطور الصراع. كان لوسائل الاعلام دوراً مركزياً في تعريف الصراع وأهميته بالنسبة للجمهورالفلسطيني و الإسرائيلي. قراءة نقدية للرسائل الواردة في التغطية الإعلامية تمكن من تحييد قدرة وسائل الإعلام على تشكيل وجهة نظر المستهلكين، ولو إلى حد ما، وفقاً لمنظور قصير طبقاً لمصالح وسائل الاعلام وهي تمكن أيضاً من تحييد تأثير العناصر التي تمارس الضغط على وسائل الاعلام، يحدونا الأمل في أن هذا الدليل سيمكن الإعلاميين من تطوير وسائل جديدة من النقد الذاتي التي ستتيح لهم، مع مرور الوقت، لخلق تغطية إخبارية تساهم في حل الصراع لا أبديته.

المنهجية 1 التي يستند إليها هذا الدليل تمكنه من تقديم عرض واضح، في القصور المنهجي في التغطية الإخبارية في كلا الطرفين، أنه يقوم بالأساس على التمييز بين مرحلتين رئيسيتين في عملية صنع الأخبار - الكتابة والتحرير-.

في المرحلة الأولى يقوم المراسلون وكتاب الأعمدة بكتابة النصوص وإرسالها إلى محرري الأخبار، يتلقى المحررون نصوص أخرى كذلك، من وكالات الأنباء المختلفة، شركات علاقات عامة، إلخ.

في المرحلة الثانية، ينتج المحررون النتاج النهائي: يقوم المحررون بتحديد النصوص التي ستظهر في الصحف أو البث، يحددون موقع النص )في الصفحة الأولى أو في الصفحة 17 ، في بداية النشرة أو بعد فاصل إعلاني أو في منتصفها(، يقومون بتحديد الصور التي تتناسب مع كل مادة إخبارية، ويصممون الصفحات ويحددون تسلسل المواد الواردة في النشرة، وينصون العناوين الرئيسية )بما في ذلك العناوين الفرعية والتعليقات على الصور في الصحف، العناوين الرئيسية لنشرات الأخبار التلفزيونية والكلمات التي ينطق بها(.

في رأي معظم المنتجين والمستهلكين للأخبار، المرحلة الثانية، مرحلة التحرير، هي بالأساس مرحلة تقنية. وفقاً للتصورات الشائعة، المرحلة المهمة حقاً هي مرحلة القيام بجمع المعلومات وكتابة المادة الإخبارية. المحررون يقومون بمجرد «إعداد » هذه المواد للطباعة أو للبث، هذا التصور غير صحيح، لسببين متكاملين: أولاً، العمل التحريري يحدد رسائل الأخبار بقدر لا يقل عن عمل الصحافيين، وفي بعض الأحيان بشكل أكبر، ثانياً، عند قراءة الأخبار في وسائل الإعلام يعتمد المستهلكين على المواد المنتجة من قبل المحررين أكثر بكثير من المواد المنتجة من قبل الصحافيين، حقيقة أن يظهر مقال على الصفحة الأولى وليس على الصفحة 17 ، صيغة محددة لعنوان معين، ظهور صورة معينة بجانب المادة؛ الكلمات التي يقولها المذيع قبل بث الخبر- جميع هذه العوامل لها تأثير حاسم على فهم المستهلكين لهذه الأنباء، وعلاوة على ذلك، العديد من الدراسات بينت أن مستهلكي الإعلام غالباً ما يكتفون بقراءة العناوين )أو الاطلاع على العناوين الرئيسية لنشرات الأخبار(، و في كثير من الحالات لا يصلون حتى إلى نصوص المواد )أو ما تبقى من النشرة الإخبارية(، في مثل هذه الحالات، فهم الأخبار يقتصر على وجه الحصر تقريباً على عمل المحررين.

لهذه الحقيقة أهمية بعيدة المدى، بعد إجراء إستعراض دقيق للمواد الإخبارية في كلا مراحل العملية، الكتابة والتحرير، يكشف هذا الإستعراض أن المواد المنتجة في المرحلتين ليست متوازية. عناوين الصحف ونشرات الأخبار ليست مجرد ملخصات قصيرة محايدة للأنباء، في معظم الحالات، عناوين الصحف ونشرات الأخبار تروي قصة مختلفة عن تلك التي يرويها الصحافيون. جنباً إلى جنب مع تحديد مكان المادة، أهميتها التصويرية، المساعدات البصرية المصاحبة لها، وهلم جرَا، تحكي العناوين القصة الخاصة بها، وهذا يؤثر بشكل كبير من مستهلكي الأخبار.

من المهم التوضيح أن المشكلة لا تقتصر على حقيقة أن نتائج العمل التحريري في بعض الأحيان لا تعبرعن مضمون المواد ذاتها، النقطة الهامة هي أن التباين بين العناوين والنصوص هو منهجي. إستعراض دقيق للصحف ونشرات الأخبار التلفزيونية يكشف عن أن عناصر معينة من الحقيقة أو الواقع، والتي تظهر في المواد نفسها، مهمشة من قبل المحررين، في حين تسلط الأضواء على أخرى بشكل منهجي.

التقنيات التي تظهر في هذا الدليل تكشف هذه التناقضات المنهجية من خلال التنويه إلى سلسلة من المعايير الرئيسية.

وإلى حد أبعد، ففي هذا الدليل سنقوم بتفسير وشرح كل معيار من خلال استخدام الأمثلة المنتقاة من التغطية الإعلامية الفعلية في إسرائيل وفلسطين. من المهم الإشارة إلى أن معرفة هذه المعايير هو مجرد خطوة أولى نحو تعلم القراءة النقدية لوسائل الإعلام. طريقة البحث المستخدمة هنا تستند على مجموعة من المعايير لكشف أنماط تحريرية متكررة تجعل التغطية منحازة.

هذا الدليل يهدف إلى مساعدة مستهلكي المادة الإعلامية على كشف هذه الأنماط، فهم مغزاها والتعلم من خلالها كيف نقرأ الأخبار بطريقة أعمق، وبعبارة أخرى، «القراءة بين السطور”.

لقراءة النص كاملا

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required