مفتاح
2024 . الأحد 19 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مشاعر مختلطة اجتاحتني ما بين غضب وحنق واستفزاز عندما وصلتني عبر البريد الإلكتروني صورة إسرائيليين يرتدون قمصاناً مرسوم عليها امرأة فلسطينية حامل كهدف في مرمى قناص وعلى القميص عبارة "طلقة واحدة: قتيلان". و"لتعلم كل امرأة عربية أن قدر ابنها بيدي".

إلا أن الدهشة والاستغراب لم يكونا جديدين هذه المرة، فهذا ما اعتدناه من قبل المجتمع الإسرائيلي الذي بات موغلاً أكثر فأكثر في التطرف، لكنه الآن يبتدع الوسائل والطرق المختلفة للتعبير عن تطرفه وعنصريته ضد كل ما هو فلسطيني وعربي بشرا ًكان أم حجراً أم شجر، فدور العبادة لم تسلم هي أيضاً من الحقد الإسرائيلي حيث رُسمت على ظهر أحد القمصان صورة مسجد مدمر تتصاعد منه ألسنة النيران.

ولم تترد أو تخجل الصحافة الإسرائيلية عن ذكر هذا التطرف، فقد نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بواسطة مراسلها أوري بلاو الخبر التالي حسبما أوردت المصادر الإخبارية: "أطفال قتلى، نساء تنتحب على قبور أطفالها، سلاح مصوب نحو طفل فلسطيني، ومساجد مهدمة.. كل هذه رسوم قد تجدها على ملابس خاصة يطلبها جنود إسرائيليون من مصنع "أديف" للألبسة في تل أبيب."

والحقيقة الصادمة أن هذه القمصان لم تكن نتاج عمل فردي لشخص أو لمجموعة، بل هي من صنع مصنع للألبسة يقدم طلبيات خاصة للجنود الإسرائيليين الذي يرتدي بعضهم هذه القمصان لدى انتهائهم من دورات تدريبية أو خلال التدريب، حيث تنتج الشركة قمصانا بنحو 500 رسم مختلف شهرياً لصالح وحدات الجيش، كما تقول هآرتس، وتتندر معظم الرسوم بحياة الجيش. وهي ذات رسومات وأشكال متعددة، بالإضافة إلى ما سبق فأحد الرسوم يصور طفلاً فلسطينياً كهدف مع عبارة "كلما كانوا أصغر كلما كان الأمر أصعب". كما أشارت المصادر.

ولم تخل تلك الصور السادية من عبارات السخرية والتهكم، فإحدى الرسومات تبين طفلاً فلسطينياً ميتاً وإلى جانبه عبارة ساخرة: "من الأفضل استخدام ديوريكس" إشارة إلى وسائل منع الحمل. وقد كشف التحقيق الذي أجرته صحيفة هآرتس عن قمصان عديدة برسوم تصور أعمال عنف ضد الفلسطينيين وتبدو وكأنها تؤيد أو تحيي الاعتداءات الجنسية.

والأشد فظاعة هو التأكيد على سياسة القتل، فمن بين العبارات: "لن نهدأ حتى نتأكد من القتل"، مع رسوم إطلاق النار على رأس فلسطيني لا تبدو عليه مظاهر الحياة للتأكد من موته"، أو إيذاء أشخاص لا يحملون السلاح.

إن المجاهرة بمثل هذه المشاعر المتطرفة والعنصرية، والدعوة الصريحة للقتل والإهانة والإذلال والاعتداء، ما هي إلا دليل واضح على الأزمة النفسية والأخلاقية التي تعتري جنود هذا الجيش الإسرائيلي الذي رُبي على القتل وعلى أن الفلسطيني ليس إنسانا ًولا يستحق الحياة وهو أقل من أن يتمتع بالحقوق الإنسانية، ولا ضير بل ويجب التخلص منه ومسحه عن الوجود. وهذه التصرفات لم تعد قصراً على الجنود بل باتت نمطا ً ومنهجاً ينتهجه المجتمع الإسرائيلي وخاصة المستوطنون الذين تتصاعد اعتداءاتهم وعنصريتهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، بل وإن إقدام الجيش على مثل هذه التصرفات يعطيهم الضوء الأخضر لممارسة المزيد منها، ويعززها ويباركها بل ويضفي عليها الشرعية.

والأشد بلاء، هو دفاع الجنرال جابي أشكنازي رئيس الأركان الإسرائيلي عن جنوده في وجه الانتقادات الموجهة ضده، وتصريحاته المستفزة بأن "هذا الجيش يتمتع بأخلاقية ومبادئ عالية"، مدعيا ً أنه تم اتخاذ كل إجراء ممكن لتقليل الأذى الذي يلحق بالمدنيين". فيما أشارت المصادر إلى أن عدداً من الجنود الإسرائيليين قد شهدوا الأسبوع الماضي بأن القوات الإسرائيلية قد قتلت فلسطينيين بمن فيهم نساء وأطفال، بسبب إتباعها قواعد اشتباك وإطلاق نار متراخية.

هذه هي الأخلاق التي يتغنى بها أشكنازي، أخلاق الجيش الإسرائيلي، التي تدعوه لقتل إثنين برصاصة واحدة، والتي دعته سابقاً في العام الماضي 2011، لأخذ الصور التذكارية مع الفلسطينيين الأسرى والجرحى والقتلى، بل والرقص طرباً على جثثهم. والأكثر سخرية هو بيان الجيش الإسرائيلي الذي اعتبر أن هذه التصرفات ما هي إلا "مزاح غير لائق ويجب التنديد به"، حسب تعبيره.

نقول للعالم ماذا سيكون موقفه، لو أن فلسطينياً دعا لمثل ما يدعون إليه، رغم أن هذا لن يحدث أبدا ً لأن قيمنا الاجتماعية وأخلاقنا ومبادئنا، تحول دون الدعوى لقتل الأبرياء والأطفال والنساء وتدمير دور العبادة، وتحقير وإذلال البشر والرقص على جراحهم، وعلى العالم أن يفتح عينيه ويرى من هو الظالم ومن هو المعتدي الحقيقي، وإن لم يفعل كما هو حاله فيتوجب علينا عدم السكوت عن مثل هذا التحريض على القتل، وعن هذه الوحشية والسادية، وإظهار حقيقة هذا الكيان للعالم أجمع.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required