مفتاح
2024 . الإثنين 20 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

انتهى الصمود الأسطوري الذي خاضته الأسيرة هناء شلبي لمدة 44 يوماً، في إضرابها عن الطعام، بإبعادها لغزة لمدة ثلاث سنوات، وإن لم تكن هذه هي النهاية التي ابتغتها شلبي، إلا أنها ثمن الكرامة التي وضعت حياتها على المحك وهي تنشدها، ونجت بها، بعد كانت مهددة كل يوم.

ولا شك أن الحفاظ على الحياة بعد مقاومة المحتل، نصر لا يقل عن أي نصر.

معركة الأمعاء الخاوية التي خاضتها بنت برقين قضاء جنين، جعلها تسطر بجسدها المتهالك ملحمة تاريخية كأطول إضراب على الإطلاق في تاريخ الحركة النسوية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي ضد "الاعتقال الإداري".

هناء شلبي ابنة ال28 ربيعاً، سلكت طريقا ً تلتمس فيه نصرا ً لكرامة الأسرى ضد سياسة الاعتقال الإداري، كان قد سلكه قبلها الأسير البطل خضر عدنان الذي خاض إضراباً أنهك جسده النحيل، فكسر بإرادته جبروت السجان، وانتصر على أدوات تعذيبه، وهاهم الأسرى في سجون الاحتلال الذين يعانون أسوء أنواع العذاب من المحتل الذي يسعى لكسر إرادتهم وشوكتهم، شُحذوا من جديد من صبر هناء وعزيمتها، فقد خاض عدد منهم إضرابا ًعن الطعام تضامنا ًمع شلبي، وانتصاراً للكرامة والإنسانية الفلسطينية المهدورة في السجون الإسرائيلية، ومنهم كفاح حطاب وغيره. وضمن سياساتها التنكيلية التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ابتدعت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية أسلوباً جديداً لانتهاك كرامة هؤلاء الأسرى وحقوقهم الفردية، وهو أخذ عينات الشفرة الوراثية DNA من الأسرى المحتجزين في مراكز التحقيق.

حيث ذكرت مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بدأت بالفعل بهذا الإجراء، فقد أوضح الباحث في المؤسسة أحمد البيتاوي أن عدداً من الأسرى في مركزي تحقيق "بتاح تكفا" و"الجلمة" أكدوا لمحامي التضامن الدولي أنهم "اُجبروا على إجراء هذه الفحوصات إلى جانب أخذ بصماتهم".

إن هذا الأسلوب الجديد، والذي يتنافى مع الحقوق الإنسانية التي كفلها القانون الدولي لأسرى الحروب، جاء بطريقة مذلة ومهينة، تضاف إلى شتى الطرق الأخرى التي تهان فيها كرامة الأسير الفلسطيني خلف سجون الاحتلال، عدا عن أن هذه الإجراءات تستخدم في العالم ضد المساجين المجرمين، فيما أسرانا يعتبرون أسرى حرب تحميهم القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل لهم عدم التعرض لأي تجارب طبية أو علمية أو تشويه جيني من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير، كما تنص المادة (13) من اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب.

إن مثل هذه الفحوصات، والتي لا يمكن الوثوق في كيفية استخدامها أو الاستفادة منها من قبل العقلية الاحتلالية، تمثل انتهاكاً للحقوق الفردية وهي إجراءات تتنافى مع القوانين الشرعية والأخلاقية، ولا يجب إجراءها دون موافقة الأسير أو رغما ًعنه بالضرب والاعتداء كما حدث، فلطالما استباحت "إسرائيل" الشعب الفلسطيني حقلاً لتجاربها، فهي لم تستثن حتى اختبار الأسلحة على أبنائه، كما أن الاحتفاظ بسجلات عن الشفرة الوراثية لكل أسير، لا يعطي فقط خريطة كاملة عن الأسير وجسده وصحته وصفاته فحسب، بل من الممكن أن يتم استخدمها بطرق غير مشروعة كتلفيق التهم للأسرى، أو حتى استخدامها في بحوث طبية مختلفة لصالح دولة الاحتلال.

إن الحركة الأسيرة، التي تدق جدران الخزان، ضد المحتل وضد القريبين المنقسمين أولئك الذين علت أصواتهم على قرقعة الأمعاء الخاوية، ولم ينصتوا لآلام الأسرى القابعين خلف قضبان الظلم والقهر، الذين لم يدركوا بعد أن خلافاتهم تزيد من وجع الأيام وقهرها على الأسرى، فلم يجدوا بدا ًمن الانتفاض بأجسادهم في وجه الذل والاستبداد، كرها ًللغبن، وحباً في الحرية والكرامة، ولفظاً للقهر والاستعباد.

إن الحاجة الآن ماسة ومصيرية لتجنيد المؤسسات الدولية والحقوقية للدفاع عن قضية الأسرى الفلسطينيين، وتشكيل رأي عام محلي ودولي من أجل الضغط على دولة الاحتلال للإفراج عنهم، وإعطائهم كامل حقوقهم الشرعية التي كفلتها القوانين الدولية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required