مفتاح
2024 . الإثنين 20 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

كان آخر لقاء واتصال مع قبل أكثر من عام في بيته بأحد أحياء القدس معزيا باستشهاد نجله الفتى البطل الذي كوالده لم يصالح يوما ولم يساوم... وشعاره الدائم ( لا تصالح...)

أردت في اتصالي معه أن أطمئن عن حاله بعد عام فقد نجله الفتى... ثم الاستفسار منه عما جرى قريبا من سكناه حيث هدمت الجرافات الإسرائيلية في أول أيام العاصفة الهوجاء مبنى من أربعة طوابق مستغلة الأحوال الجوية وغزارة الأمطار التي استمرت في الهطول دون توقف...!

بالطبع، وهو ديدنهم، لم تمنعهم أحوال الجو العاصفة من أن يهدموا ويدمروا ويخربوا... طالما أن المستهدف عربي من "الغوييم"...

ما الذي يجعلهم يحشدون كل هذه القوات المدربة والمتمرسة في ميادين القتال لولا كراهيتهم العمياء لكل ما هو عربي...؟

قال صديقي المناضل ووالد الشهيد والأسير المحرر: نعم لقد هدموا في منطقة تسمى بطن الهوى- أرض أبو بكر من أراضي حي رأس العمود إلى الشرق من البلدة القديمة ... ثم غادروا وقد خلفوا وراءهم جبلا من الردم والخراب والأرض المجرفة وقد تحول محيط المبنى إلى بحيرة من وحل وطين....

سألته: وأين أنت الآن...؟

قال في رام الله...!!

عجبت من نشاطه في هذا اليوم العاصف غزير المطر... ومن ذهابه إلى رام الله، وكان بمقدوره أن يزاول عمله من بيته.. مختصرا على نفسه عناء الولوج إلى هذه "العاصمة" الجديدة شديدة البرودة... وليس ببالغها إلا بشق الأنفس، وبعد أن يجتاز بحيرات الماء قرب الحاجز العسكري في قلنديا وعلى مداخل كفر عقب... ربما يحتاج إلى قارب لقطع الشارع الذي شغلنا العالم كله قبل أن نحصل على موافقة إسرائيلية بتأهيله ... وحين انتزعنا تلك الموافقة وعلى مدى نحو عامين أو يزيد من العمل فيه نكتشف أن من فاز بعطاء تأهيله لم يؤهله بما يجعله صالحا لكوارث الطبيعة، وكوارث البشر...!!

قال الصديق مازحا: سيبك من الطويلة... آتي هنا حيث الدفء في مكان العمل... المكتب هنا في رام الله مكيف "على كيف كيفك..." أما في البيت فالواحد منا "بترتر من البرد..."

و"مين سمعك".. أجبته، وقد أدركت أن كثيرا مثلي من عامة الناس يهربون وينسلون من بيوتهم إلى وظائفهم وأعمالهم بحثا عن دفء افتقدوه في تلك البيوت... لا يغني عنه بالطبع دفء أفراد الأسرة الذين يعمرون البيت صخبا. وحين يزيد الصخب والضجيج تغضب وتغلي الدماء في العروق، فلا تعد تشعر بالبرد رغم أن البرد في الخارج "بقص الحديد"....!!

فكرت مليا فيما قاله هذا الصديق، وهو المناضل ووالد الشهيد والأسير المحرر وتساءلت إلى أي مصير ينتهي إليه مناضلونا..؟ وبأي كيفية يجزى بها من أفنى زهرة حياته في الأسر.. وحين يغادر أسره ويقرر أن يفرح بالولد والبنين يتخطف الموت فلذة كبده.... وفوق كل ذلك لا يجد دفئا إلا في رام الله الباردة وفي صقيعها المتجمد الشمالي...!

لا تنسوا: صاحبنا نموذج ليس إلا... هل تتذكرون صبري غريب أبو سمير من بيت إجزا - شمال غرب القدس... شهيد قضى ينافح عن أرضه عقودا ثلاث... مضى وارتقى لم يساوم ولم يصالح....

بين ظهرانينا كثيرون أمثال الصديق الصدوق... وأيضا أمثال صبري غريب ( أبو سمير) لا نتذكرهم ولا يتذكرهم القوم إلا في ملمة تصيبهم، أو مكروه ينال منهم... معادلة بالكاد مفهومة....!!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required