مقدمة
لم يكن الكاريكاتير في الصحف الفلسطينية الثلاث: "القدس"، "الأيام" و"الحياة الجديدة"، بمنأى عن التطورات الميدانية والسياسية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية وتحديداً قطاع غزة في الشهور الست الماضية، مع الإشارة والتنويه إلى أن فترة الرصد لرسومات الكاريكاتير تمت قبل سيطرة حماس على قطاع غزة.
بل يمكن القول أن رسومات الكاريكاتير التي نشرتها الصحف الثلاث في الفترة الواقعة من 1-1-2007 وحتى 31-3-2007 من العام الحالي رصدت واقعاً لم تلتقطه الأخبار وتقارير وكالات الأنباء التي اكتفت بالنقل المجرد لأحداث تلك الفترة وتطوراتها وتداعياتها، في حين عكست رسومات الكاريكاتير واقع تلك الفترة بمرارة ساخرة، عبرت عن نبض الناس الحقيقي إزاء قضايا عاشوها وعاصروها، وكانت مسبباً رئيسياً لقلقهم وخوفهم وغضبهم ورجائهم، سواء ما تعلق بالاقتتال الداخلي بين حركتي "فتح" و"حماس"، أو ما تعلق منه باتفاق مكة، وحكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بموجب هذا الاتفاق.
وإذا كان البعض عرف الكاريكاتير بأنه "رصد الاعوجاج والتشوه الموجود في الطبيعة" أو أنه "فن المأساة الضاحكة" أو المضحك المبكي، فإن الكاريكاتير السياسي الفلسطيني في تلك المرحلة نجح في القيام بمهمته في الحث على نقد الواقع السياسي المحلي، وحتى الدولي الذي تعامل مع الحدث الفلسطيني بانتقائية وازدواجية.
ولأن في الكاريكاتير دائماً شيء من الحقيقة ورسالة للقارئ ليفهم الحدث وما وراءه، فقد اخترنا في وحدة الرصد الإعلامي في "مفتاح" أن نرصد عبر عديد من الرسومات الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحف الثلاث "القدس" و"الأيام" و"الحياة الجديدة" أحداث الربع الأول من العام الجاري من اقتتال داخلي وفلتان أمني، وكذلك التطورات السياسية التي أعقبته وأبرزها اتفاق مكة، وحكومة الوحدة الوطنية.
وكان واضحاً لنا من خلال عملية الرصد تلك أن تغطية الكاريكاتير لتلك الأحداث في الصحف الثلاث، كانت أفضل كثيراً، وأصدق من حيث التعبير عن مجريات ما كان يحدث، فالكاريكاتير أمكنه أن يستخلص الحدث الطاغي أو الجو العام السياسي الذي ساد على مدى الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري.
ولقد شدت هذه الأحداث الطاغية إليها رسامي الكاريكاتير في الصحف الثلاث، فتناولوها كلٌ وفق طريقته وفهمه لتداعياتها، وعكس كلُ رسم كاريكاتيري منطق صاحبه، وفكره ونظرته لتلك الأحداث، فجاء الرسم ناطقاً بما يفكر فيه المجموع العام بصمت وبسرائره.
