يمر يوم الأسير الفلسطيني لهذا العام في ظل انتشار الوباء العالمي المعروف بـكوفيد – 19 (فيروس كورونا)، الذي زاد بدوره من معاناة الأسرى خاصة المرضى منهم، حيث لم تأبه سلطات الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ أدنى الإجراءات الوقائية المطلوبة داخل السجون بحق الأسرى والمعتقلين السياسيين الفلسطينيين، على عكس ما اتخذته بحق السجناء الجنائيين الإسرائيليين الذين تساهلت بالإفراج عن أعداد كبيرة منهم. عدا عن ذلك، فإن قوات الاحتلال لم تغيّر من سياستها شيئاً بشأن اعتقال الفلسطينيين في ظل جائحة كورونا، حيث تم اعتقال 471 فلسطينياً خلال شهر فبراير من بينهم 95 طفلاً و11 إمرأة، كما اعتقلت في شهر آذار/ مارس 2020 (357) فلسطينياً، من بينهم 48 طفلاً، و4 نساء. والظروف التي يعيشها الأسرى في الحالات الاعتيادية (قبل فيروس كورونا) صعبة للغاية، ترقى معظمها إلى جرائم بنظر القانون الدولي الإنساني، يعانون فيها من سياسات الإهمال الطبي المتعمد، والتعذيب والتنكيل، والعزل في الزنازين الانفرادية، والمعاملة اللاإنسانية والحاطّة من الكرامة، والاعتداء بالضرب وفرض العقوبات، والحرمان الشديد من الحرية والتواصل الإنساني مع عائلاتهم، وحرمانهم من حقهم القانوني بلقاء محاميهم. كما تعتبر إجراءات وسياسات الاحتلال المتبعة تجاه الأسرى منذ اعتقالها لأول أسير فلسطيني إلى اليوم نوعاً من القتل البطيء لهم. فهي تتبع سياسة الإهمال الطبي بشكل متعمد بحق الأسرى، وتتركهم يواجهون الموت القادم ببطء وترقُّب، الأمر الذي ما زالت تمارسه ذاته حتى في ظل الوضع الراهن المتعلق بانتشار فيروس كورونا. ويصل إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين اليوم إلى 5000 أسيرٍ يعيشون في ظروف صحية معدومة، لا تتلاءم مع الحد الأدنى المطلوب من إجراءات الوقاية والسلامة، في ظل اكتظاظ واسع داخل السجون، يشكل بدوره تربةً خصبة لانتشار الفيروس بين الأسرى. ومن بين الأسرى هناك أكثر من 700 أسير من الأسرى المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، بينهم 26 أسيرة مريضة تعاني من أمراض صحية متعددة كأمراض القلب والغدة الدرقية والسكري والضغط، ومشاكل بالمعدة والأسنان والعظام والعيون، إضافة إلى وجود 7 أسيرات جريحات تعرضن لعنف مباشر أثناء الاعتقال، ولم يتم تقديم أي علاج مناسب لهم/ن. وبتاريخ 31/3/2020 تم إطلاق سراح الأسير نور الدين صرصور الذي تبيّن بعد فحصه أنه مصاب بفيروس كورونا، دون أن تقوم إدارة السجون بالتحقيق في ظروف إصابته بها داخل السجن، أو القيام بفحص الأسرى الذين كانوا معه داخل ذات القسم قبل الإفراج عنه، عدا عن رفضها أيضاً لمطالب المؤسسات الحقوقية بإجراء فحص كورونا للأسرى وتوفير المعقمات ومواد التنظيف والكمامات المطلوبة لهم للوقاية في هكذا وضع. كما رفضت سلطات الاحتلال الاستجابة لدعوة المؤسسات الحقوقية بالإفراج عن الأسرى خاصةً المرضى وكبار السن والأطفال والمعتقلين الإداريين، وضرورة وجود لجنة دولية محايدة تشارك في معاينة الأسرى وطمأنة عائلاتهم. ففي ظل افتقار السجون إلى النظافة العامة والتهوية والارتفاع الشديد في الرطوبة، والنقص الحاد في مواد التنظيف العامة والمبيدات الحشرية، كيف ستؤول حال السجون إذا ما أصيب الأسرى بالفيروس؟ لذلك كله، يتعرض الأسرى إلى خطر حقيقي في ظل انتشار فيروس كورونا، وما زال الاحتلال يتعامل معه ويستخدمه تجاههم كجزء من سياسة الإهمال الطبي المتعمدة التي تعتبر عملياً انتقاماً غير إنساني وغير أخلاقي بحق أسرى حركة تحرر وطني كفلت لهم اتفاقية جنيف الرابعة الحماية الدولية، ومن ضمنها الرعاية الصحية. يضاف إلى ذلك، أن الكثير من شهداء الحركة الأسيرة استشهدوا بعد فترة قصيرة من تحررهم من السجون تبعاً لسياسة الإهمال الطبي، وعدم تلقيهم العلاج اللازم في الوقت المناسب. فمنذ عام 1967م، استُشهِدَ (222) أسيراً كان من بينهم (67) أسيراً استُشهِدوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد، والتي تُشكل أحد أبرز الأدوات التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى، علماً أن العديد منهم لم يشتكوا قبل اعتقالهم من أمراض أو مشاكل صحية. كما أن جزءاً من الأسرى المرضى استشهدوا بعد فترة وجيزة من الإفراج عنهم جرّاء هذه السياسة، كالأسيرين نعيم الشوامرة، وزهير لبادة، الأمر الذي يضع تساؤلاً كبيراً على كيفية مواجهة الأسرى المرضى لظروف اعتقالهم القاسية بالإضافة إلى الفيروس. ومنذ العام 2015، تم تقديم 16 مشروع قانون ضد الأسرى في الكنيست الإسرائيلي، تمت المصادقة على جزء كبیر منها:
وتشكّل السياسات سابقة الذكر مخالفة جسيمة للاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحق الأسرى بتلقي العلاج اللازم والرعاية الصحية المناسبة، ووجوب تحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم، حيث كفلت اتفاقية جنيف الرابعة في المواد (76) و(85) و(91) و(92) حق الأسرى بتلقي الرعاية الطبية الدورية، وتقديم العلاج اللازم للأمراض التي يعانون منها. كما تنص أيضاً على وجوب توفير عيادات صحية وأطباء متخصصين لمعاينة الأسرى، حيث تتنصل سلطات الاحتلال من التزاماتها بموجب المواثيق الدولية مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للأسيرات والأسرى. لقد كفل القانون الدولي الإنساني حق الأسيرات والأسرى في المعاملة الإنسانية في المعتقل وفي العيش بظروف خالية من المخاطر، حيث نصت المادة (85) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه: "...لا يجوز بأي حال وضع أماكن الاعتقال الدائم في مناطق غير صحية أو أن يكون مناخها ضاراً بالمعتقلين. وفي جميع الحالات التي يعتقل فيها أشخاص محميون بصورة مؤقتة في منطقة غير صحية أو يكون مناخها ضاراً بالصحة، يتعين نقلهم بأسرع ما تسمح به الظروف إلى معتقل لا يخشى فيه من هذه المخاطر". كما ونصت المادة على أن "توفّر للمعتقلين لاستعمالهم الخاص نهاراً وليلاً مرافق صحية مطابقة للشروط الصحية وفي حالة نظافة دائمة". كما وكفلت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة الأسرى حق الأسرى والأسيرات بتلقي علاج طبي مناسب لوضعهن الصحي، حيث أكدت القاعدة (24) على أن "تتولى الدولة مسؤولية توفير الرعاية الصحية للأسرى. وينبغي أن يحصل الأسرى على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحقُّ في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجَّاناً ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني". ونصت القاعدة (25) على أنه: "1. يجب أن يكون في كلِّ سجن دائرة لخدمات الرعاية الصحية مكلَّفة بتقييم الصحة البدنية والعقلية للأسرى وتعزيزها وحمايتها وتحسينها، مع إيلاء اهتمام خاص للأسرى الذين لديهم احتياجات إلى رعاية صحية خاصة أو يعانون من مشاكل صحية تعوق إعادة تأهيلهم. 2. تتألَّف دائرة خدمات الرعاية الصحية من فريق متعدِّد التخصصات يضم عدداً كافياً من الأفراد المؤهَّلين الذين يعملون باستقلالية إكلينيكية تامة، وتضم ما يكفي من خبــرة فــي علم النفــس والطــب النفســي. ويجــب أن تُتاح لكل سجين خدمات طبيب أسنان مؤهَّل". وقد قدمت الحركة الأسيرة الفلسطينية عبر تاريخ النضال الوطني منذ احتلال فلسطين التاريخية عام 1948 حتى يومنا هذا حوالي مليون أسير من بينهم أكثر من 16,000 أسيرة اعتقلت منذ عام 1967 فقط. وفيما يلي عرض للحقائق والأرقام بشأن الأعداد الحالية للأسرى كما هي في يوم 17 نيسان لعام 2020 داخل سجون الاحتلال على النحو التالي:
للاطلاع على ورقة الحقائق بصيغة PDF
اقرأ المزيد...
بقلم: مؤيد عفانة
تاريخ النشر: 2025/1/15
ورقة حقائق حول واقع الحقوق الرقمية الفلسطينية للمنظمات الأهلية الفلسطينية وما صاحبها عقب حرب الإبادة
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2025/1/15
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/26
|