سنشهد معركة انتخابية حامية الوطيس مختلفة عن آخر انتخابات محلية جرت عام 2012، لدى نجاح أكثر من نصف القوائم بواسطة التزكية، التي مكنت النساء من تجاوز النسبة المقدرة لهن في قانون الانتخابات المحلية، وهو الأمر الذي نشر بعض الأوهام حول تحولات إيجابية ما قد وقعت على توجهات المجتمع بخصوص انتخاب النساء ومشاركتهن. بينما التطور الطفيف المحرَز لا يمكن إعادته سوى إلى مسألتين: إما أن التوافق الفصائلي والعشائري أعطى فرصة مكّنت النساء من الحصول على حصة أكبر بسبب غياب المنافسة بمقاطعة حركة حماس انتخابات 2012، فالتنافس المحتدم يُقصي النساء عادة، أو بسبب الزُهد الذكوري في تحمل مسؤولية هيئات الحكم المحلي، فمن يريد تحمل مسؤولية مجالس مديونة أو شحيحة الموارد. وللتذكير أيضا، فقد حمَّلت القوى السياسية النساء، مسؤولية حسم قوائم الإصلاح والتغيير المشكلة من قبل حركة حماس، نتيجة الانتخابات المحلية والتشريعية التي جرت ما بين عامي 2004 و 2006، بشكل عام، حيث حصلت تلك القوائم على أغلبية في انتخابات المجلس التشريعي في النصف الخاص بالدوائر بشكل خاص، كما استأثرت بأكثرية هيئات الحكم المحلي. ادعاء القوى السياسية المذكور سابقاً لا يمتلك المعطيات العلمية اللازمة لحسم الاستناد عليه، حيث لم يتم تخصيص صناديق خاصة بتصويت النساء تدلل على توجهات النساء ولمن أدلينَ بأصواتهن، وبالتالي يمكن إدراج الحكم في نطاق الانطباعات والتحليلات غير المدققة، شكّلها المشهد الإعلامي يوم الانتخابات وإظهاره قصداً طوابير النساء وهن يضعن شارات ورموز حركة حماس، عصبات ووشاحات، الأمر الذي أعطى الانطباع بأن أصواتهن قد ذهبت إلى قوائم الإصلاح والتغيير. وبالرجوع إلى سجلات لجنة الانتخابات المركزية يتبين بشكل قطعي أن المسجلات لممارسة حق الانتخاب أقل من المسجلين، كما تشير المعطيات أيضا إلى أن نسبة المقترعات أقل من نسبة المقترعين في جميع الانتخابات التي جرت، 1996 و 2004 و 2005 وفي عام 2012. ما يعني أن الرجال هم من حسم نتائج الانتخابات، دون تبهيت بأن الجميع، رجالاً ونساءً، أبناء البيئة السياسية والاجتماعية، يتأثرون بما حولهم، ويصيغون موقفهم الانتخابي انطلاقاً من المعلومات المتاحة أمامهم وتوجهات وقناعات محددة المعالم، ولا شك أن الأسرة أحد البنى التي تصيغ موقفها الانتخابي. في الاستعراض السابق، لا أنتقد التوجهات الانتخابية للنساء والرجال، لأنها تعبير عن تعددية الشعب وآرائه إزاء القضايا المعني بها وتؤثر على مصالحه، والناخبات جزء من الشعب وتنوعه وتعدديته وخياراته. المسألة المُثارة بالنسبة لي وللكثيرين، تتموضع حول توجه النساء إلى انتخاب القوى الأيدولوجية المتعصبة، المتكئة على الدين أو تستخدمه من أجل، تقنين أو تحريم تمتع المرأة بحقوقها الشاملة، وتضع التحفظات والقيود على مشاركتهن في الفضاء العام، باسم الخصوصية الثقافية، الاختلاط وتعريضه النساء لخطر الغواية، وباسم تقسيم العمل انطلاقا من الوظائف البيولوجية. هل صوت المرأة تابع، إنه السؤال الذي يشغلني في مواسم الانتخابات، بسبب بيانات التحريض والترهيب والتهديد، وتوزيع شهادات دخول الجنة والنار المعهودة في الانتخابات. سألحظ أن الانتخابات في بلدنا ترف غير متاح دائما؛ وبأن الأغلبية المجتمعية لا تتعامل مع الشأن العام، وأن أغلبية الأغلبية من النساء، مستبعدات أو بعيدات عن العمل العام والسياسي، تصبح الانتخابات قرارا انفعاليا عاطفيا غير مدروس، في اللحظة الانتخابية. هل نتحدث عن ظاهرة مخفية، تبعية المرأة للرجل في التصويت، وإلى اي مدى تصح هذه المقولة؟ الفكرة العامة أن التركيز على النساء كمخزن أصوات يسهل انقيادهم وإقناعهم واستقطابهم لأنهم أقل دراية ومعرفة، يتأثرن بخطاب العواطف والوعود، تحديدا أن الفكرة الشائعة أن النساء وأصواتهن تابعان حتما للرجال، رغم الحقيقة الواضحة أن كلا من الرجال والنساء لا صوت لهم إلا في مواسم الحصاد الانتخابي. الرجال والنساء مستبعدون وبعيدون عن المعلومات الحقيقية، يخضعون إلى إعلام منحاز وتحريضي، تتحكم بهما الثقافة العشائرية السائدة، ويُضغط على احتياجاتهم المادية بالتصويت، وبعد كل هذا المشترك، يُحكم فقط على أصوات النساء بأنها تابعة. وأخيراً، فإن المزيد من الاهتمام المركز على تجربة النساء في المشاركة السياسية الهادف إلى حماية وتحصين التجربة، وضع التجربة والعضوات تحت مجهر النقد والتشريح، وسَلّط الضوء على السلبيات أكثر من الايجابيات، مُعفياً الأعضاء من فحص ملامح تجربتهم، الاستقالات والانقطاعات والخلافات، قد خدم نوعا ما لم نكن نقصده ونستهدفه، وصدق من قال «ومن الحب ما قتل». صحيفة الايام
اقرأ المزيد...
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
×
نميمة البلد: والمسكوت عنه في الوطني... المرأة وفشل المجلس الوطني
(1) فشل المجلس الوطني فشل المجلس الوطني مرتان، الأولى قبل أن تنفض جلساته وقبل قراءة وإعلان بيانه الختامي في التعاطي مع قرارات المجلس المركزي الخاصة بالكوتا النسوية، بضمان تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% في جميع مؤسسات منظمة التحرير ودولة فلسطين، وابقاءه في حالة "التوهان" بترحيله الى وضع اليات التنفيذ، وكأن قرار المجلس المركزي يحتاج الى اليات لا يستطيع وضعها المجلس الوطني أو أن قمة الهرم في منظمة التحرير غير مواتية لوجود النساء. والثانية لعدم قدرته تنفيذ قراره سواء في تضمين البيان الختامي للفقرة التي تم إقرارها والمتعلقة بصرف رواتب موظفي قطاع غزة "فورا" أو قرار الرئيس المعلن في الجلسة الختامية. وهنا الفشل سياسي أكثر منه اجرائي بحيث لا يتم التعامل مع المجلس الوطني باعتباره السلطة التشريعية الأعلى للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجه من قبل السلطة الحاكمة. وهي تعيد الأحجيات السابقة المتمثلة "مَنْ مرجعية مَنْ المنظمة أم السلطة". (2) المسكوت عنه في المجلس الوطني صدر البيان الختامي للمجلس الوطني صباح الجمعة الفارطة دون ذكر للنقاشات او السجال المتعلق بتوسع صلاحيات المجلس المركزي الفلسطيني بحيث يتولى جميع مسؤوليات المجلس الوطني الفلسطيني أي أن يصبح بديلا عن المجلس الوطني لتكريس مقولة أن هذا آخر مجلس الوطني، أو مدة ولايته أو توسيع صلاحياته ليحل محل المجلس التشريعي، وفي ظني أن البعض لا يعلم ان المجلس المركزي يتولى جميع الصلاحيات بين دورتي انعقاد المجلس الوطني، بقرار من المجلس الوطني في دورته السابعة عشر المنعقدة في العام 1984، باستثناء الصلاحيات الخاصة بانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وتعديل النظام الأساسي والميثاق الوطني، وإلغاء قرارات المجلس الوطني. تبنى البيان الختامي للمجلس الوطني قرارات المجلس المركزي الصادرة في العام 2015 وكذلك في منتصف شهر كانون ثاني/ يناير من ذها العام. لكن دون تقديم آلية واضحة أو تحديد آجال محددة. الامر الذي يبعث على الدهشة إذ لم تنفذ اللجنة التنفيذية السابقة قرارات المجلس المركزي آنذاك! فهل لها أن تنفذ اللجنة التنفيذية الجديدة هذه القرارات؟ في حين أن البنية والتركيبة السياسية للجنة الجديدة لم يحدث فيها تغييرا جوهريا كما أن المجلس الوطني لم يحدث الانعطافة السياسية أو التغيير في المسار السياسي. النقاش الذي جرى على ارتفاع متوسط عمر أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة في المقال الأسبوع الذي جاء تحت عنوان "68 سنة متوسط اعمار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة"؛ بكل تأكيد المسألة ليست بالسنوات ذاتها لكن بما تحمله من تبعات، فكما ذهبت إليه الصديقة المقدسية غادة الزغير في تعليقها، "أن هناك علاقة طردية بين السن والاستعداد للتغيير "أو المخاطرة" وكلما ارتفع العمر كلما مال الشخص نحو المحافظة على ما هو قائم وطلب الستر والمشي جنب الحيط تحت مسمى الحكمة، وكذلك المحافظة على الامتيازات التي يتمتع بها" وهي طبيعة بشرية في علاقة الكبار في العمر ليس فقط في الحياة العامة بل في الحياة الخاصة. ملاحظة: ورد خطأ في مقال الأسبوع الماضي أن 27% من أعضاء اللجنة التنفيذية هم من اللاجئين فيما ان النسبة هي 40%. وفي كل الأحوال فإن القراءة المقدمة في المقال الفارط تفتح الافاق لقراءة معمقة لتركيبة أعضاء اللجنة التنفيذية ليس فقط اللجنتين الأخيرتين بل لجميع اللجان التي تم اختيارها لقيادة الشعب الفلسطيني لفهم التحولات السيسولوجية في إحدى أهم مؤسسات النخبة السياسية الفلسطينية.
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
×
اليكم عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة
أفاد الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد العاطلين عن العمل في 2017 بلغ حوالي 364 ألف شخص، بواقع 146 ألفا في الضفة الغربية، و218 ألفاً في قطاع غزة، وبلغ معدل البطالة في فلسطين 27.7% في العام 2017، وما يزال التفاوت كبيرا في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ في قطاع غزة 43.9%، مقابل 17.9% في الضفة الغربية. ونوه في بيان استعرض خلاله الواقع العمالي في فلسطين 2017، عشية الأول من أيار، عيد العمال العالمي، إلى أن الارتفاع في معدلات البطالة للنساء أكثر منه للرجال مع زيادة هذه الفجوة في الأعوام الأخيرة، حيث بلغ المعدل للذكور 22.5% في العام 2017، بينما بلغ معدل البطالة للإناث 47.8% للعام ذاته. وجاء في البيان: مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 4 أضعاف مشاركة النساء بينت النتائج بأن نسبة القوى العاملة المشاركة في فلسطين للأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 45.3% في العام 2017، ومن الواضح أن الفجوة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث ما زالت كبيرة، حيث بلغت نسبة مشاركة الذكور 70.9%، مقابل 19.0% للإناث في العام 2017، وبلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 45.3% مقابل 45.1% في قطاع غزة. 666 ألف عامل مستخدمون بأجر يقدر عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر من فلسطين 666 ألف عامل، بواقع 333 ألف عامل يعملون في الضفة الغربية و221 ألف عامل يعملون في قطاع غزة و92 ألف عامل يعملون في إسرائيل و20 ألف يعملون في المستوطنات. بينما بلغ عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص 351 ألف عامل من فلسطين؛ بواقع 231 ألف عامل من الضفة الغربية، و120 ألف عامل من قطاع غزة. القطاع الخاص هو القطاع الأكثر تشغيلاً في فلسطين 52.7% من المستخدمين بأجر في العام 2017 يعملون في القطاع الخاص، بينما بلغت نسبة المستخدمين بأجر في اسرائيل والمستوطنات 16.8%، في حين بلغت النسبة للقطاع العام 30.5% في العام 2017. أكثر من نصف المستخدمين بأجر يعملون في القطاع الخاص بواقع 52.0% في الضفة الغربية و54.3% في قطاع غزة مقابل 22.9% يعملون في القطاع العام في الضفة الغربية و45.7% في قطاع غزة، في حين 25.1% من المستخدمين بأجر في الضفة الغربية يعملون في إسرائيل والمستوطنات. حوالي ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون في مهن فنية ومتخصصة بلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يعملون في مهنة الفنيين والمتخصصين 23.6% من فلسطين؛ 14.4% للذكور مقابل 67.6% للاناث. في حين بلغت النسبة للمستخدمين العاملين في الحرف وما اليها من المهن 17.0%؛ 20.0% للذكور مقابل 2.3% للاناث. معدلات أجور حقيقية متدنية في القطاع الخاص بلغ معدل الأجر اليومي الحقيقي (سنة الأساس= 2010) للمستخدمين بأجر في القطاع الخاص في فلسطين حوالي 71 شيقل في العام 2017 ، حيث بلغ الأجر الحقيقي في قطاع غزة حوالي 44 شيقل، بالمقابل بلغ الأجر الحقيقي حوالي 84 شيقل في الضفة الغربية (لا يشمل العاملين في اسرائيل والمستوطنات). سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص في الضفة الغربية بمعدل 106 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بواقع 96 شيقل، أما في قطاع غزة فقد سجل قطاع الخدمات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص بمعدل 71 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بمعدل 42 شيقل. بينما سجل قطاع الزراعة أدنى معدل أجر يومي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بواقع 65 شيقل و24 شيقل على التوالي. حوالي 36% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقل) في فلسطين 16.2% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في الضفة الغربية يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر أي 37,500 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 1,079 شيقلاً في العام 2017. أما في قطاع غزة فقد بلغت النسبة 74.0% أي 88,800 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 731 شيقلاً. في سياق متصل، بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للمستخدمين بأجر حوالي 42 ساعة عمل؛ 40 ساعة للمستخدمين بأجر في القطاع العام و43 ساعة في القطاع الخاص خلال نفس العام. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد 21.8% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد أو مكافأة نهاية الخدمة، و21.8% يحصلون على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، و21.0% يحصلون على إجازات مرضية مدفوعة الأجر، و35% من النساء العاملات بأجر يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر. أكثر من ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقود عمل 25.4% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقد عمل في فلسطين؛ 26.2% في الضفة الغربية و23.9% في قطاع غزة في العام 2017. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص منتسبين لنقابات عمالية/ مهنية 17.4% من المستخدمين بأجر منتسبين الى نقابات عمالية/ مهنية في فلسطين؛ 12.4% في الضفة الغربية و29.6% في قطاع غزة في العام 2017.
بقلم: نبيل دويكات
تاريخ النشر: 2018/3/24
×
الثامن من آذار.. الورود لم تعد تكفي
خلال السنوات الاخيرة دأبت العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة على القيام بالأنشطة والفعاليات المختلفة احتفالاً بذكرى الثامن من آذار، وهو يوم المرأة العالمي. وتنوعت الفعاليات تنوع المؤسسات والأفكار والإمكانيات وغيرها من الأمور التي تشكل الأساس لإحياء هذه المناسبة، أو التعبير عنها. وهي بالإطار العام تعبير رمزي يراد منه الإشارة الى الإقرار والإعتراف بالحقوق المتساوية للنساء في مجالات الحياة كافة، أسوة بالذكور. وكذلك التعبير عن رفض مبدأ التمييز ضد النساء بكل أشكاله وأنواعه وما ينتج عنه من انتهاك للحقوق تصل الى درجة انتهاك أبسط واهم الحقوق الإنسانية وهو الحق في الحياة. أساس فكرة هذا اليوم جاءت تاريخياً تخليداً لذكرى العاملات اللواتي سقطن في هذا اليوم من العام 1956 في مدينة نيويورك على يد قوات الإمن التي استخدمت العنف في مواجهة احتجاجي إضراب للعاملات على ظروف وشروط عملهن القاسية، وللمطالبة بتحسينها. مضت عدة عقود حتى أحيت بعض الأحزاب السياسية والحركات الإجتماعية في الولايات المتحدة نفسها تلك المناسبة بتظاهرات عام 1908حمل المشاركون فيها ذكوراً واناثاً الورود تعبيراً عن سلميتها في نفس تاريخ ذلك اليوم. ومرت عدة عقود أخرى حتى أقرت الامم المتحدة في العقد الذي اطلقته في العام 1975 تحت اسم "عقد المرأة" إعتبار يوم الثامن من آذار كل عام مناسبة عالمية، تعبر عن رمزية النضال من أجل تحقيق المساواة بين الرجال والنساء في كل مناحي الحياة. العقد الذي اقرته الامم المتحدة (75-1985) والمؤتمرات الثلاث التي عقدت خلاله في كل من المكسيك، كوبنهاجن ونيربوبي، والمؤتمرات اللاحقة في بكين وغيرها شكّل نقطة التحول التي أعطت رمزية هذا اليوم العالمي آليات مناسبة لتهيئة الظروف وتحويل المعاني الرمزية له الى حقائق على أرض الواقع. وشكلت الوثائق والدراسات التي ناقشتها هذه المؤتمرات، وشمولية المشاركين فيها كل أنحاء الكرة الأرضية، وتمثيلها لكل المؤسسات الرسمية والشعبية بمثابة كرة الثلج التي أنتجت في تدحرجها إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي إعتمدتها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في العام 1979. ومع استمرار تدحرجها أنتجت آليات للرقابة على تنفيذ الإتفاقية وقياس مدى التقدم الحاصل على التقيد بنصوصها وبنودها. بدون الانعزال عن هذه التطورات، وبجهود الحركة النسوية الفلسطينية والهيئات والمؤسسات المناصرة لها تصاعدت الجهود ووتيرة النضال من أجل مكافحة التمييز والعنف ضد النساء، ومساواتهن في مختلف مجالات الحياة. وإنخرطت مؤسسات المجتمع الفلسطيني عموماً، والنسوية والحقوقية منها خصوصاً فيما يشبه ورشة عمل متواصلة لتقصي جذور ومنابع التمييز والعنف ضد المرأة، والبحث عن السبل والوسائل التي تكفل تفكيك حلقاته المختلفة وكسرها، كمقدمة لبناء أسس صحيحة لمجتمع ديمقراطي فلسطيني تسوده العدالة والمساواة. في التاريخ القريب ساهمت مشاركة النساء الفاعلة في مجرى النضال الوطني الفلسطيني للاستقلال والتحرر من نير الإستعمار عاملاً اضافياً أعطى دفعة لتأسيس مجموعة مفاهيم ومصطلحات مرتبطة بالمساواة والعدالة، وجدت تعبيرات وأشكال مختلفة عنها في الوثائق والأدبيات التاريخية والقانونية الفلسطينية المعاصرة كوثيقة استقلال دولة فلسطين التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من تشرين ثاني عام 1988، ثم لاحقاً في عدد من نصوص ومواد القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003، الذي يعتبر بمثابة دستور مؤقت لدولة فلسطين، وكذلك الحال في بعض القوانين والتشريعات اللاحقة كقانون الإنتخابات العامة وقانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية والعمل .. وغيرها من القوانين، الأنظمة، اللوائح التنفيذية، والقرارات الحكومية التي شكلت جميعها أسس معقولة لإنطلاق عجلة النضال من أجل المساواة بوتيرة أقوى وأسرع، وتطبيقات محددة تتناول كل حلقات العنف والتمييز وتعمل من أجل تفكيكها وكسرها. إذا كانت مصادقة دولة فلسطين على اتفاقية "سيداو" في نيسان عام 2014 بدون تحفظات على أي من موادها وبنودها ثمرة من ثمار هذا الجهد والعمل النضالي المتواصل، فإنها في نفس الوقت شكلت بمثابة رافعة إضافية من الممكن أن تساهم في دفع المسيرة الى الأمام، وإعطاء مفاهيم كالعدالة، المساواة معنى واقعي وملموس في كل مجالات حياة المجتمع. ومن المتوقع أن تساهم آليات الرقابة المعتمدة في الامم المتحدة في دفع المسيرة قدماً الى الأمام. وتشكل ثالثاً محل الإختبار الحقيقي والملموس وإمتحان فعلي للقدرة على تحويل المفاهيم والإلتزامات النظرية الى خطوات وأفعال تعكس وتعبر عن مدى الإستعداد للإلتزام بما تم التوقيع عليه. قدمت دولة فلسطين تقريرها الأولي الأول الى لجنة الامم المتحدة المعنية بمتابعة مدى التقدم الذي تحرزه الدول المعنية في تطبيق نصوص اتفاقية سيداو في آذار عام 2017، ثم قدمت مؤسسات المجتمعات المدني ما اصطلح على تسميته "تقرير الظل" الذي تعبر فيه عن رؤيتها، ومن زاويتها هي، ونظرتها لمدى النجاحات التي حققتها الجهات الرسمية في التقيد بالإتفاقية وكذلك الإخفاقات، وأبرز التوجهات التي يمكن التركيز عليها وفق أولويات هذه المؤسسات ورؤيتها لنصوص الإتفاقية مقارنة بالواقع القائم. رغم أن التقرير الرسمي لدولة فلسطين يشير على مدار ما يزيد عن (70) صفحة الى التقدم الذي احرزته الدولة في مجال تطبيق الاتفاقية، ويعدد كل الخطوات والتطورات في المجالات كافة، إلا أنه يعترف في أكثر من مكان بأنه لا يزال هناك العديد من الجوانب التي يتوجب العمل عليها حتى بلوغ مرحلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع. وكذلك الحال بالنسبة لتقارير الظل التي قدمتها مؤسسات المجتمع المدني، التي وإن أقرت أن هناك تقدم تم إحرازه فعلاً، إلا أنها إجمالا أشارت الى أن الهوة لا تزال شاسعة بين الإلتزامات والتعهدات وبين تحويلها الى خطوات ملموسة على ارض الواقع. وبدون الخوض في تفاصيل التقرير الرسمي للدولة وتقارير الظل فإنه يمكن إجمال القضايا التي لا تزال تحول دون التطبيق الفعلي لنصوص الاتفاقية فمن خلال نظره على مجمل القضايا التي أشارت لها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (لجنة "سيداو") في إجمال إستفساراتها وملاحظاتها على التقرير المقدم من دولة فلسطين، والتي من المتوقع أن تتلقى رداً رسمياً عليها خلال دورة اجتماعاتها المقبلة في تموز القادم من هذا العام. في مجال التشريعات والسياسات تتساءل اللجنة عن الخطوات التي إتخذتها الدولة لموائمة التشريعات مع نصوص الاتفاقية، ويشمل ذلك نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية والأثر القانوني الذي قد يحدثه هذا النشر. كما تتساءل اللجنة عن التدابير التي إتخذتها الدولة لإلغاء كل التشريعات التي تميز ضد النساء. وتشير اللجنة هنا بشكل خاص الى "قانون الأحوال الشخصية"، ونوع التدريب الذي تقدمه الدولة للقضاة والمحامين والأئمة للتأكد من أن نصوص الشريعة الاسلامية لا تتناقض مع نصوص الاتفاقية. وتطلب اللجنة من الدولة تبيان الخطوات التي تم إتخاذها في مجال إستكمال عمليات المصالحة، وخاصة فيما يتعلق بإنتظام عمل المجلس التشريعي لاحقاً وممارسته لدوره في التشريع، وقيامه بمهمة توحيد القوانين في الضفة الغربية وقطاع غزة. والآليات التي يمكنه إتباعها في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية عامة، وفي مجال التأكد من أن التشريعات المستقبلية تتوائم مع نصوص الاتفاقية خاصة. كما تسأل اللجنة عن عملية جمع وتصنيف البيانات المرتبطة بموضوع التمييز ضد النساء، وما الذي تنوي الدولة إتخاذه من إجراءات لتحديد الجهة المسئولة عن هذا الأمر. في مجال التقاضي، فإن اللجنة تشير الى أهمية موضوع المساواة في القدرة على الوصول الى القضاء، والتدابير التي إتخذتها الدولة لضمان حصول النساء على هذا الحق. كما تشير اللجنة الى شكل العلاقة بين المحاكم الدينية والمدنية، والعلاقة بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، وتتساءل إذا ما كان بإمكان النساء اللجوء الى المحاكم المدنية للإعتراض على قرارات تصدر عن المحاكم الدينية. وهو بغية التأكد من أن نص المادة (30) في القانون الأساسي الفلسطيني التي تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة" يجد له تطبيق فعلي على أرض الواقع. بالنسبة لدور وزارة شؤون المرأة كجهاز مسئول عن تحقيق المساواة للنساء، وكذلك بالنسبة لوحدات النوع الأجتماعي في الهيئات الحكومية، فإن اللجنة تطلب توضيحات من الدولة حول طبيعة التحديات التي تواجهها، والإمكانيات والموارد البشرية والمالية التي توفرها لها الدولة لتمكينها من أداء دورها في مختلف المجالات. كما تتساءل اللجنة عن التدابير التي إتخذتها الدولة لمكافحة القوالب الإجتماعية النمطية والممارسات الضارة التي تكرس الأدوار النمطية والتقليدية بين المرأة والرجل، وما هي خطط الدولة من أجل تغيير هذه القوالب النمطية السائدة في الثقافة المجتمعية. وقدرة هذه التدابير على مواجهة بعض الممارسات الإجتماعية السائدة كالزواج المبكر مثلاً. في مجال مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة، فإن اللجنة تتساءل عن التدابير المتخذة من الدولة من أجل تعزيز مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار وخاصة في المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الأجهزة والمؤسسات العامة، حيث لا تزال نسب مشاركة النساء ضعيفة ولا ترقى لمستوى المساواة المطلوبة. وبالنسبة للمساواة في التعليم فإن اللجنة تركز على معرفة مدى التقدم ونوع التدابير المتخذة خاصة على صعيد تطوير مناهج التعليم، بصورة تكفل التصدي للأفكار النمطية السائدة عن أدوار الرجال والنساء، وضمان إحتواء هذه المناهج على ما من شأنه تعزيز الوعي بالحقوق المختلفة للنساء، بما فيها الحقوق الصحية، الجنسية، والصحة الإنجابية، وكذلك كيفية معالجة إرتفاع نسب الأمية بين الإناث، والإجراءات الكفيلة بضمان حصول النساء على التعليم الإلزامي المجاني، وإنخراط النساء بصورة متساوية في كافة مجالات الدراسة العلمية والتكنولوجية، وزيادة التحاق النساء بالمهن التي تعتبر في الثقافة المجتمعية حكراً على الذكور، وكيفية التصدي في هذا المجال للأفكار النمطية السائدة حول الأدوار التقليدية للنساء والرجال. ينطبق الأمر ذاته على مشاركة النساء في الحياة الإقتصادية للمجتمع، ويشمل ذلك موضوع التمكين الإقتصادي للنساء، وزيادة نسبة إلتحاقهن في سوق العمل، وتحسين نوعية وطبيعة المجالات التي يلتحقن بها، وكسر االأفكار النمطية السائدة حول المهن التقليدية التي يلتحق بها كل من الرجال والنساء. كما تطلب اللجنة معرفة ما هي الإجراءات التي تتخذها الدولة لمحاربة تفشي البطالة في صفوف النساء، ومكافحة الممارسات السلبية كالتحرش الجنسي في أماكن العمل، والتمييز في الأجور على أساس الجنس. بالنسبة للحقوق الصحية، فإن اللجنة تطلب من الدولة تحديد ما هي التحديات المختلفة التي تواجهها النساء في الحصول على المساواة في الحقوق الصحية المختلفة. وكذلك الحال بالنسبة للإجراءات المتخذة من أجل تعزيز مشاركة الفئات المهمشة من النساء، كالنساء الريفيات، وضمان حقهن في الوصول الى والحصول على الحقوق الصحية والإجتماعية والخدماتية الحياتية، ونفس الأمر ينطبق على النساء ذوات الاعاقة وحقوقهن المختلفة، وبرامج الحماية الإجتماعية والإقتصادية التي تقدمها الدولة لهن. وهناك جملة من الأسئلة التي تطرحها اللجنة على الدولة لتبيان الإجراءات والتدابير التي إتخذتها أو تنوي إتخاذها لضمان التطبيق الفعال لمجمل نصوص وبنود اتفاقية "سيداو" فيما يتعلق بموضوع الزواج والعلاقات الأسرية وهو ما يمكن أن يفتح المجال لنقاش واسع حول الكثير من القضايا والأمور التي لم يتم طرقها سابقا سواء من الدولة وجهزتها أو حتى من المؤسسات الحقوقية والنسوية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني كالمادة (308) من قانون العقوبات الساري حالياً مثلاً، والتي تتعلق بموضوع إسقاط عقوبة الإغتصاب عن المُغتَصِب في حال زواجة من المُغتَصَبَة. خلاصة القول ان العرض الإجمالي الموجز أعلاه حول بعض تساؤلات (لجنة سيداو) التي يجب على دولة فلسطين الإجابة عليها في تقريرها القادم الى اللجنة تشير الى أن هناك الكثير مما لا زال يتوجب عمله سوء من قبل الدولة وأجهزتها المختلفة، أو من مؤسسات المجتمع عموماً حتى نصل الى مرحلة يمكننا القول فيها أننا قطعنا شوطاً جيداً في تطبيق اتفاقية "سيداو"، وهو ما يمكن أن يعطي مناسبة الثامن من آذار يوم المرأة العالمي طابعه الخاص على المستوى الفلسطيني. وحينها فقط يمكننا تحويل الفعاليات الرمزية التي نقوم بها إحتفالاً بالمناسبة الى معاني فعلية على أرض الواقع، لأن الورود وغيرها من المظاهر الرمزية لم تعد تكفي. مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2018/4/7
×
اللقاء الإقليمي للنساء الفلسطينيات: أجندة المرأة الفلسطينية
وَفَّرت مؤسسة مِفتاح مِنَصّة مفتوحة للنقاش أمام قيادات نسوية فاعلة، من داخل الوطن، بما فيها مناطق ما وراء الخط الأخضر؛ بحضور ممثلات من مناطق الشتات، من سورية ولبنان ومصر والأردن. منصة ديمقراطية للعصف الفكري باتجاه التوافق على محددات الوجهة العامة لأجندة المرأة الفلسطينية في المرحلة القادمة. حيث اتَّسعت المنصة لأغلبية وجهات النظر حول واقع ومستقبل الهمّ الوطني والاجتماعي، نحو اشتقاق إطار عام للأجندة السياسية والاجتماعية من منظورها النسوي. في الطريق إلى تحديد جدول أعمال وطني _ اجتماعي، لا بد من المرور على المستجدات الموضوعية، المحطات الفارقة والنوعية، تحولات الواقع الوطني والاجتماعي التي استحقت التداعي للحوار حولها لجهة الأثر المتروك على جناحي البرنامج النسوي، ليحلِّق نحو أهدافه، هكذا تعمل المؤسسات الحيوية من أجل بقائها فاعلة في الملعب. في الخلفية، أيُّ جدول أعمال لا ينطلق من سِمات راهن المرحلة؛ من ملامحها الوطنية والاجتماعية، من واقع وتحليل واقع المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، من واقع حضور المرأة في المشهد وتقييم أدائها من أجل توسيع المشاركة في النضال لإنهاء الاحتلال، مستوعبة دروس الترابط الجدلي بين فك القيود الاجتماعية وبين زخم تطوير دورها الفاعل في المشاركة بالنضال الوطني والديمقراطي، بما يمكنها من استعادة جماهيريتها في الشارع وتقوية أدواتها التنظيمية. أي جدول أعمال لا يراعي السمات الخاصة لن يكون له الحظ في النفاذ والتطبيق، وسيفقد المصداقية والالتفاف النسائي؛ وسيتعذر عليه شق الطريق. في المستجدات، تزايدت وطأة المشاريع والمحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وآخرها ما عُرِف باسم "صفقة القرن"، وترافقت مع استباحة شاملة للأرض والحقوق الوطنية المدنية والإنسانية، بما يضع الشعب أمام تحديّات غير مسبوقة، كبيرة واستثنائية. إما أن يمضي نحو تقرير مصيره بنفسه كحق مكفول وفق القانون الدولي، أو يقرر الاحتلال مصير القضية بدعم من إدارة "ترامب" المستندة إلى الأساطير والأيديولوجيا. العروض قدَّمت واقع وتفاصيل واقع النساء من المناطق المشاركة في اللقاء، حالة النساء تحت الاحتلال في مناطق الضفة والقطاع ومناطق 48، مناطق منزوعة السيادة بشكل متفاوت؛ سيادة نسبية في مناطق السلطة في الضفة وغزة، نفي السيادة بشكل مطلق عن فلسطين القابعة خلف الخط الأخضر. العروض المقدمة من فلسطينيات الشتات، من سورية ولبنان ومصر، أبرزت الواقع الاجتماعي والحقوقي تحت سقف قوانين الدول المضيفة، مُضافاً إليها المستجدات "الدرامية عن نكبة متكررة تستنسخ نكبات جديدة، هجرة جديدة تفاقم الأزمة القديمة، عن الواقع ما بعد فشل أهداف الثورات العربية، أو تكاد، في الوصول للعدالة الاجتماعية. ستلحظ العروض واقع الوجود الفلسطيني في الأردن، لجهة الاندماج والفروق، والتداخل والتمايز البرنامجي. أما في مناطق 1948، يُشير الواقع إلى هجمة باتجاه الأسرلة والتهويد والتطويع، ترسانة القوانين العنصرية وتشديد قبضتها، ربط الحقوق المدنيّة بالولاء للدولة اليهوديّة، دفع الواقع نحو مزيد من التخلف الاجتماعي. كما يُشير الواقع إلى الاتجاه العقائدي الذي يعمل على فرض رؤيته الاجتماعية على المشهد الكلي، عدم اعترافه بالتعددية الفكرية والاجتماعية في واقع مُركَّب وبالغ التعقيدات، الاضطهاد القومي والعنصري والاستعلائي من جهة، والقمع الاجتماعي على أساس الجنس من جهة أخرى. في رأس قائمة التحديات لا بد من لحْظ العامل الذاتي الداخلي، أزمة الضعف العام بسبب الانقسام والتفكيك والتجزيء، التفرد والهيمنة والشرذمة، الذي ينعكس تلقائياً على المؤسسات النسوية بشكل أوضح، ليس بسبب العلاقة العضوية مع الحركة الوطنية التي تنطبق على جميع القطاعات، بل بسبب وضع المرأة في المجتمع كقطاع يعاني من التباس وارتباك في دوره ومكانته القانونية، الإصرار على التعامل معه والحفاظ عليه في حكم الأقلية، التباس موقف الطبقة السياسية على صعيد مشاركة المرأة وحجم دورها ونوعيته، خلط وتمويه المشاركة الحقيقية بالديكورية. أزمة الحركة النسائية، أزمة الأدوات التنظيمية، ضمور عمقها القاعدي، فقد حيويتها مع استبعاد العنصر الشبابي عن قيادتها. عدم طرح رؤيتها للتغيير الاجتماعي وقلب البيئة الاجتماعية. التحديات الجسام تتطلب تقوية العامل الذاتي، باستعادة الدور القيادي الوطني للمرأة في ميدان الصراع مع الاحتلال، الدفاع عن الأرض، مقاطعة البضائع الإسرائيلية، استخدام الأدوات الدولية في محاسبة ومساءلة الاحتلال. توسيع التحالفات مع القوى النسائية العربية الثورية على قاعدة تبادلية التضامن، الخلاص من المحن والمعاناة الناجمة عن الحصار والهجرة والإرهاب الذي يهاجم مجتمعاتنا دون رحمة. التضامن مع محنة النساء العربيات والفلسطينيات مهمة مشتركة، لوقف محاولات التفكيك والتجزئة وترك كل طرف يواجه أزمته ومحنته منفرداً. للمقال والأجندة بقية. جريدة الايام الفلسطينية
تاريخ النشر: 2018/3/11
×
آذاريّات: مِنَح وهدايا أو حقوق والتزامات
هللت النساء ورحبت بقرار مجلس الوزراء، القاضي بحق المرأة في استصدار جوازات سفر لأبنائهن القصر، وحقها في فتح حساب بنكي لهم، وحقها في نقل أبنائها من مدرسة إلى أخرى. الترحيب والتهليل موصول على تنسيب المجلس قرار بقانون خاص بتعديل المادة 308 المتعلق بإعفاء مرتكب جريمة الاغتصاب من العقوبة لدى زواجه بضحيته. البعض اعتبر التنسيب والموافقة على التعديلات بمثابة هديّة الثامن من آذار..! لا أنفي أهمية التطورات المُشار إليها أعلاه أو الإرادة النسويّة المتواصلة التي تقف خلفها، لكني لا أرى في الأمر أي هدية، كون الخطوة علاوة على كونها حقاً مشروعاً؛ فإنها تُمَثِّلُ خطوة بسيطة تأخرت عن موعدها أكثر من عشرين عاماً، منذ تشكيل السلطة الوطنية. تأخرت رغم عديد المذكرات والمطالب النسوية المقدَّمة على طريق إصلاح القانون، مطالب مجتزأة من أجل إصلاح ومعالجة ظُلم تاريخي مورس ضد المرأة المؤسَّس على التمييز. انتهى الوقت أمام تقسيط المطالب. اعتبار إقرار المطالب المقدمة من قبل ائتلاف "إرادة" هدية بمناسبة الثامن من آذار تواضعٌ غير مُسْتَحب، "إرادة" هي الهدية للحركة النسائية الفلسطينية. اعتبار التعاميم المفترض صدورها هدية؛ تقليل المرأة من شأن ذاتها، تستحق أكثر. الهدية تَنْزَع صفة الحق عن المطالب، نتحفظ عليه. أولاً وأخيراً وُجِدَت الحكومة والمجلس التشريعي والبنى الرسمية على ذات الشاكلة لخدمة المجتمع والنهوض به. إن الالتزام الذي تعهدت فيه دولة فلسطين بانضمامها إلى الاتفاقيات والوكالات الدولية المختلفة يعطيها أكثر، ونفترض أن عليها الذهاب نحو تجسيد التزاماتها طوعاً. مرجعياتنا المحلية و"سيداو" أعطونا أكثر، لِمَ نجحف بذواتنا!؟ لماذا نساعد في الجلوس بالمنطقة الرمادية، قد يغلب السواد أو البياض، لكن اللون يبقى رمادياً مغبشاً. انتزاع المكتسبات بالقطارة؛ نقطة نقطة، يشرع إجتزاء الحقوق، ويعطي انطباع الموافقة على القبول بالتدرج، ينطوي ضمناً على الانتقاص من عملية المواءمة الكاملة. يفتح المجال أمام عملية "الأخذ والرد" والمساومة على الحقوق. تحصيل المكاسب على مراحل وجرعات، تعبِّر عن إقرار عملية فرز القضايا والحقوق القانونية على أساس صعوبتها بالاستناد إلى معايير الثقافة التقليدية السائدة. ويوصل رسالة تَفَهُّم ذرائع وأسباب تردد أصحاب القرار. التَفَهُّم يعطي الانطباع العام حول الإقرار بموضوعية التردد وعدم الحسم، والتكيُّف مع الحالة المترددة عوضاً عن الدفع نحو حسم الجدل القائم بين وجهتيّ نظر على الأقل في فضاء الساعيات نحو العدالة والمساواة، الوجهة الجذرية والتدرجية، لصالح مواءمة القوانين، وفقاً لما يمنحه حق المواطنة، والرؤية الشاملة لتطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. رفض التجزئة والقبول بتنقيط الحقوق وفرزها يخلق المناطق الرمادية. المكتسبات المتحققة بما ولَّدته من نقاشات روتينية دائماً، تطرح على بساط البحث مسألة في غاية الأهمية، عن عدد المرَّات التي علينا فيها خوض النقاش لدى التقدم بمطلب تعديل بند قانوني أو اثنين أو أكثر، وهو في المناسبة نقاش واحد على خلفية منطلقات أيديولوجية واحدة. فلماذا نستمر في الاستدراج نحو النقاش ذاته مع كل مطلب. لنفتح ونستدرج الجميع إلى نقاش الأصول: الخلاف الأيديولوجي، نقاش الأهلية القانونية للمرأة والولاية عليها والخصوصية الثقافية اللصيقة بها..أليس من الأولى فتح النقاش على مصراعيه من أجل عملية المواءمة؟ أليس حرياً بنا الضغط من أجل الإجابة عن الأسئلة المقدمة من قبل لجنة "سيداو" بحق التقرير الوطني الأول؟ ألا يجدر بنا مطالبة الحكومة تجسيد الإرادة السياسية التي وقفت خلف الانضمام لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالحقوق الاجتماعية، باتجاه تحقيق المساواة الحقيقية وليس الشكلية. لقد ظهرت المنطقة الرمادية منذ عدم نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وهو ما أُشير له في قائمة الأسئلة الموجهة للسلطة التنفيذية من قبل لجنة الاتفاقية. الخروج من المنطقة الرمادية يتطلَّب استكمال المتطلبات الإجرائية ونشر الاتفاقية بموجب القانون رقم 8 للعام 2008 حتى يكون «التنفيذ بمواجهة الكافّة». الخروج من المنطقة الرمادية بمزيد من المكاسب، التوقيع على البروتوكول الاختياري الإضافي، تحصين حقوق النساء كأفراد وتمكينهن من الوصول إلى العدالة، يتطلب مطالبة السلطة التنفيذية عقد المشاورات بين المجتمع الحكومي والمدني بانتظام، وآلية منتظمة للوقوف والتداول حول مسار المواءمة، وعلى قائمة المنطلقات التي ينبغي أن يُدار حولها الحوار وتتأسس عليها رؤية المواءمة، وفي مقدمتها هوية الدولة التي وضعت أساساتها وثيقة الاستقلال، وإقرار الدستور الضامن للحريات العامة والخاصة. أختم: نحن نساء وبنات فلسطين، نؤمن بما نؤمن، ولتُحمل معنا مطالبنا التي نؤمن. نطالب بجذرية المواءمة القانونية مرة واحدة، ونقبل بتدرجية تطبيق السياسات الهادفة إلى التغيير، تغيير البيئة الاجتماعية والثقافية. جريدة الايام الفلسطينية
تاريخ النشر: 2017/10/23
×
'جبّ الديب' من خلال عيون نسائها
في «جُبّ الديب» في محافظة بيت لحم، كل شيء مختلف عن باقي المناطق المستهدفة من قبل الاحتلال. حتى مدرستها التي تحمل اسم «تحدي 5» تختلف عن باقي المدارس. تَتَكوَّم المدرسة تحت أقدام جبل «الفرديس»، ثلاث غرف من طوب و»زينكو» بُنِيَت على عجل، بجهد وإرادة خالصة من الأهالي ودعم من وزارة التربية والتعليم. قبل بناء المدرسة هذا العام، كان الطلبة يذهبون الى مدرسة في بلدة زعترة التي تبعد ثلاث كيلومترات عن الجبّ، طريق طويل أدى إلى تسرب التلاميذ. وقبلها أزال الاحتلال «الكرافانات» التي نُصبت من قبل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان على أرض وعرة. بنيت مدرسة مكان الكرفانات، المدرسة ما زالت مهددة بالتدمير أو تسرب الطلبة، لبدائيتها وبعدها عن القرية المنسية. «جب الديب» تشبه اسمها فقط. لا منطق للحياة في القرية، بلد الممنوعات. ممنوع عليها التنفس والشرب والضوء أكثر مما هو مخصّص لها. تخطيط منهجي لتهجير سكانها. لقد حقق المخطط الاحتلالي نجاحات هامة، هاجرت اثنين وعشرين عائلة، كسباً للرزق والأمن. «جُب الديب» التي تعيش على أحد أضلاع مثلث رأسه الجبل؛ مُسيْطَر عليها بواسطة نظام قمعي جهنمي يُدار من داخل الجبل التاريخي، مدعّم بنظام مراقبة حديث، كاميرات تطير على منطاد يمسح المنطقة أسبوعياً. تراقب الكاميرات الطائرة أي تغيير طارئ على القرية، في حال تجرأ أحد السكان على استبدال سقف الزينكو بآخر من اسمنت، أو أي تغيير مهما كان بسيطاً. حينها لا يهبط الحارس الأمني من جبله لإعادة الأمور الى النظام، بل يسائل الناس عبر مكبِّرات الصوت، مطالباً إزالة الإضافات بأيديهم! نذهب لتوثيق ما هو معلوم، ربما. نجمع شهادات وإفادات وفق مصطلح من جملة مصطلحات نتعاطاها يومياً، كأنها البلسم الشافي. نقف على انتهاكات الاحتلال، الفردية والجماعية، من خلال عيون النساء. من اهتمام النساء الخاص بالشوارد والتفاصيل وممارسة الأدوار المختلفة. دعوا لسانكن يروي حكاياتكن اليومية مع نظام السيطرة في جبل «هيرودتس»، الجبل الكنعاني «الفريديس» الذي يتَهّود. قد يجدي التوثيق نفعاً في يوم ما، أنتن لساننا الجمعي. حديث غير متكلَّف، يخرج بعفوية عن القوالب والأطر والمقدمات. عن البحث عن حياة جديرة بالحياة. ثمّة نظام محكم التدبير في داخل الجبل المخروطي الشكل، نظام السيطرة في السجن المُسمى «جبّ الديب» ينتقل من الامهات الى الأبناء، يتعلم الأطفال وقْع وواقع الحياة في القرية الصغيرة من أمهاتهن، كما يتعلم العامل الصغير صنعته من معلمه. يتعلمون أسرار الحركة المتاحة لهم في المكان، أصول التنقل واللعب والزرع. السجناء الجدد لا يختارون سجنهم، بل يرثونه من الأرحام المسجونة في بئر بلا قرار. مكان غير مُتاح في وطن تتعدد فيه: أشكال وأبعاد ومآلات السجون. خمس وعشرون امرأة تروي الحكاية، بالنيابة عن مئة وستين نسمة هم كل سكان القرية، عن افتقاد المواصلات، عن عيادة مفقودة، عن ولادات منزلية، عن حالات طارئة، عن دعم وسائل ومقوِّمات الصمود، الثبات في المكان. باقون، يبحثون عن حياة جديرة بالحياة. النساء في الجبّ اللواتي تمتعن بالكهرباء لمدة ستة أشهر قبل أن يدمر الاحتلال الخلايا الشمسية التي وضعتها السلطة، تعرفن على أفلام «الكرتون» مع الأبناء، تمتعن بترف الثلاجات والغسالات والشبكة العنكبوتية. تمتعن صدفة بفتح حسابات على «الفيس بوك». منذ تلك اللحظة تصيبهم الرعشة لدى الحديث عن الماء والكهرباء، ما يفوت أولادهن من معارف وأنشطة يتمتع بها غيرهم. يبحن بأحلامهن وكوابيسهن الدائمة. في الوطن لا تتحقق العدالة الاجتماعية بذات القدر والمستوى، النساء في جب الديب لسن كالنساء في رام الله وغيرها من المدن والبلدات. انهن قويّات ومُمَكَّنات من أداء مهامهن في الصمود والمقاومة. النساء في «جُب الديب» يتسللن الى الجبل لفتح صنبور المياه الذي يتحكم به الاحتلال، النساء يبحثن عن من يقدم المساعدة لتطوير المدرسة..النساء هناك رَدَدْنَ جميع العروض السخية المقدمة من مؤسسات على أعقابها، عروض التمكين والتدريب، متمسكات بمطلب واحد فقط، تمكين الحياة من الاستمرار، تقوية الصمود: «نريد الكهرباء أولاً، نريد مواصلات، تطوير المدرسة ومنع تسرب الطلبة. «جُب الديب» وغيرها من القرى التي تنتهك فيها انتهاكات جماعية، جبارة ويانون وجب الديب وعزون وخربة زكريا وغيرها، يصارعون من أجل البقاء. وتوفر عوامل الصمود والثبات مهمة مقدسة على الجميع الايفاء بها. توزيع عادل للخدمات والموازنات، عبر خدمات نوعية تصنع الفرق، ماء وكهرباء ومرافق. جريدة الايام
تاريخ النشر: 2017/6/12
×
«رابطة المرأة الفلسطينية العالمية» في الخارج
كاد المريب أن يقول خذوني، هذا ما يثبته البيان الختامي الصادر عن "ملتقى المرأة الفلسطينية في الخارج"، 19-20 أيار 2017 - بيروت، معلناً إطلاق "رابطة المرأة الفلسطينية العالمية"، ومؤكداً أن الرابطة: "لا تُعتبر منافساً أو بديلاً لاتحاد المرأة الفلسطينية، وإنما هي هيئة شعبية تعنى بشؤون المرأة الفلسطينية شأن كل الهيئات الشعبية التي تعتني بقضايا المرأة الفلسطينية". وحدد البيان القضايا البرنامجية التي ستتبناها "الرابطة"، وبما يؤكد على برنامج مزدوج، وطني واجتماعي، يجمع بين "دور المرأة في الصراع الوطني" ودورها في "العناية بالمرأة والأسرة الفلسطينية في الشتات"، وتعزيزها "الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والقانونية والمهنية"، وينتهي البيان بتحديد أهداف الرابطة في بناء علاقات تعاون وتنسيق مع المنظمات العربية والدولية؛ بما يخدم القضية على الصعيدين، العام والخاص، الوطن والمرأة. لا يُبذل الكثير من الجهد لقطع الشك باليقين، حين اعتبرت الدعوة أن عقد الملتقى تجسيداً وترجمة لقرار "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" الذي التأم في شباط الماضي في "استانبول" بدفع منهجي من حركة "حماس"، وقيامه تشكيل هيئة تأسيسية، واضعاً برنامجاً شاملاً، وطنيا وسياسيا واجتماعيا. لم يثر المؤتمر النسائي الضجة التي أثارها المؤتمر الشعبي، مر بهدوء دون أن يُعَكِّر صفْوَه بيانات أو مواقف معارضة. لم يقصد الملتقى الحشد كما استهدف المؤتمر الشعبي، حيث حرص المنظمون والمنظمات ألا يقل عدد المشاركات بأعماله عن مئتي مشاركة أعلنتها الدعوة! ربما درءاً للغبار الذي يمكن أن يُثار بساحة يتكثف في فضائها الصراع الداخلي الفلسطيني. إلا أن الداعيات بحثن عن إسباغ شرعية ما على أعمالهن، توجهن بالدعوة إلى عضوات من القوى النسائية في لبنان تحديداً، كأفراد بمعزل عن صفاتهن الحزبية. يتضح مما سبق، العلاقة العضوية التي تربط بين المؤتمرين، مؤتمر الخارج وملتقى المرأة. مؤتمر قطاعي يستكمل الأجندة وينفذ أحد قرارات المؤتمر العام كأحد حلقاته. خطوة متدرجة نحو تشكيل البدائل الشعبية. لم يُسْعف النص الوارد في البيان أصحابه، عدم المساس بدور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وما يمثله، ائتلاف جبهوي الجامع للمنظومات السياسية النسوية. سرعان ما تظهر حقيقة الإطار، البرنامج يجوَّف النص ويفرغه من وظيفته، استباق ردود الفعل المتوقعة، ومحاولة ساذجة لطمأنة الرأي العام والاتحاد، التمويه على طبيعة أهداف المؤتمر الحقيقية. إن لم تكن الرابطة الوليدة بديلاً، وتبرئتها من تهمة شقّ الحركة النسائية، كيف يمكن تفسير عدم قرع باب بيت اتحاد المرأة، البيت الشرعي التاريخي؟ كيف نفسر عدم لجوء قيادة الملتقى التواصل مع قيادة الاتحاد العام للمرأة في الساحة اللبنانية لطمأنته وتوضيح التخوم الفاصلة بين إطار إضافي وبين إطار بديل .. وكيف نفسِّر الدعوات الموجهة للمنظمات النسوية كأفراد وليس كأطر ذات كيان؟! لا بد من أن الملتقى قد أفرز إطاراً أُريد له أن يصبح بديلاً للاتحاد في الشتات، ينظم النساء ويقودهم بالاستناد إلى برنامج موازي لبرنامج الاتحاد. أليس في هذا تفتيت وشرذمة، وهل توقيت عقد الملتقى بعد أيام من صدور وثيقة حماس "مطلع أيار" محض صدفة؟ الوثيقة قدمت نفسها إطاراً بديلاً عن منظمة التحرير. من جهة موضوعية أخرى، لا بد من عدم وضع الرؤوس بالرمال المتحركة في الخارج. تقييم الذات والتعاطي مع المستجدات الجارية دون توقف. استمرار التمسك بخطاب نظري وغض النظر عن القصورات اتجاه فلسطينيات الشتات، تهديد الوجود والهوية، الهموم والمصاعب والتحديات. أفراد يواجهون مصيرهم وحدهم على قارعة الطريق دون غطاء وحماية، في حالة انكشاف وتخلي صارخ. ذات الحكاية دائما، عدم توازن العلاقة بين الداخل والخارج، تبادل التهميش وفق معادلة مكان وجود قيادة المنظمات الشعبية. في الحالة الراهنة، لا يجدي حديث المبادئ النظرية والسطحية نفعاً لمعالجة الهموم، لا يمكن دعوة النساء لمحاربة الانقسام والبدائل الفئوية دون تقديم الحلول وإشراكهم بالفعل والتأثير على مختلف الصعد، السياسية والبرنامجية. لا يمكن الإتكاء على الماضي الجميل لشحذ التماسك والالتفاف، وقت كان الاتحاد والأطر النسائية تمثل ماديا ومعنويا الفلسطينيات في جميع أماكن التواجد. والنساء تقابلها التمثيل الحقيقي بصدق الانتماء وتقديم التضحيات. هذا الخطاب مرت تحت جسوره المياه العادمة. لا تأثير له في الإجابة على محاولات شق الحركات الجماهيرية ومنها النسائية. وختاما، عبثاً وقف مسلسل شق الحركة الجماهيرية دون تقييم شامل للبرنامج والأداء وأدواته. قبل ذلك، التماس مبررات استجابة البعض حضور المؤتمرات. الهم ثقيل والتغيرات متسارعة تضع المصير على حافة الضياع. لقد ولّد الابتعاد وتجاهل ما آلت إليه الأحوال فراغاً وفجوات، من الطبيعي أن تتجهز قوى لتعبئته، فرصتها السانحة للانقضاض، رغم عدم امتلاك هذه القوى، في أغلبيتها أصولية وعقائدية ما تقدمه للنساء: الهوية والبرنامج الديمقراطي، من هنا نبدأ. ليس من حل سوى استعادة توازن العلاقة بين قيادة الحركات الشعبية ومجتمعات الشتات، في مركز الفعل والثقل التنظيمي، التوجه نحو عقد مؤتمرات الاتحادات ومنها المرأة، داخل الوطن وخارجه، انتخاب وتجديد الأدوات والآليات والبرنامج الوطني والاجتماعي، بشكل ديمقراطي. جريدة الايام الفلسطينية اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647 القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14 حي المصايف، رام الله الرمز البريدي P6058131
للانضمام الى القائمة البريدية
|