مفتاح
2024 . الأحد 19 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


لقد كان من الممكن الشعور بالأسى على قرار براك كسر حاجز الصمت الذي انكفأ وراءه. أمس الاول حدّث المراسلين العسكريين الى أي مدى فوجيء بصورة سيئة مما اكتشفه في مجال التخزين ونظام القوات و"طول النفس في الجيش الاسرائيلي"، كما أسماه. أما نحن فليس أمامنا إلا أن نتفاجأ من شعوره هذا بالمفاجأة.

ذلك لأن كل من يهتم، ولو قليلا، بوضع الأمن القومي، عرف ويعرف مصدر الخلل وأين يكمن. ليس هناك في هذه الدولة مواطنا لم يتابع في السنوات الأخيرة بقلق التقليصات في الميزانية الأمنية، وإن كان هذا حال المواطن العادي، فما هو حال المواطن براك، الذي لم يتخلَ عن صولجان المارشال حتى إبان تحوله الى مواطن مدني. هو كان وبقي "مستر أمن" مُخيب للآمال في النظر للوراء، وما زال واعدا في النظر الى الأمام. مستقبل براك يكمن دائما في المستقبل الغامض، وليس في الماضي الواضح جدا.

كيف حدث أن هذا المارشال بالتحديد لم يعرف، وأنه لم يُبدِ الاهتمام، ولم يتم اطلاعه على المستجدات؟ ربما كان هذا ما يحدث عندما يُركز الشخص اهتمامه على منزله في الأعالي وينظر الى ما يحدث من الطابق العلوي، أو أن هذا ما يحدث عندما يقضي الشخص أوقاته في بلدان البحار ممتنعا عن الدخول في مياه البركة المحلية.

لقد قمت بالاطلاع على قائمة الفجوات كما طُرحت في هذا الاسبوع من قبل وزير الدفاع. قرأت وذُهلت. براك لا يملك فقط عيونا متفحصة من خلال منظار غير مغلق، وانما توجد لديه عيون كبيرة: هو يريد جهاز دفاعي فعال ونشط من ثلاث طبقات لاعتراض الصواريخ وهي في الهواء، ومن كافة الأنواع، وهو يريد زيادة نظام القوات وتشكيل فرق جديدة للمهمات المحدودة وتعزيز عدد الدبابات والمزيد من الاسلحة والتحصين والتدريبات، وهو يريد تطوير "الذراع الاستراتيجية الطويلة" المكوّنة ايضا من طائرات حديثة بعيدة التحليق. باختصار، براك يريد ويريد ويريد، زيادة القوة العسكرية العظيمة.

كل من يعرف شيئا عن الميزانيات والتكاليف، سيُجري حساباته بسرعة وسيكتشف أن كل ما يوجد لدينا في الخزينة، وكل ما لا يوجد لدينا، لا يكفي لتلبية هذه الاحتياجات الهائلة. دولة اسرائيل ستضطر الى إرتهان تعليم اطفالها ورفاهية كهولها (بما فيهم الناجون من الكارثة واللاجئون) وصحة أبنائها، نساءا ورُضعا، اذا رغبت في إرضاء وزير الدفاع وتلبية طلباته وإخراجه من الجدل مع نصف شهية، هذا من دون التطرق الى الشهية كلها.

هذه ليست معزوفة براك الاجتماعية المعروفة: ها هي تهبط من السطح مثل عصافير مصابة بالطلقات، صوتها صامت، وقد تبدّل بمعزوفات جديدة. ايضا صوت العجوز المريضة في رواق المستشفى قد تلاشى: هي ماتت في غضون ذلك عندما هبط خط الفقر الثقيل على سريرها مثل المطرقة. ليست هناك حياة طويلة تحت خط الفقر، والناس المرهقين وغير الأصحاء يجدون صعوبة خاصة في البقاء.

وزير الأمن المستعد للحرب القادمة، ما زال يتحدث بمصطلحات غير حديثة تنتمي للحروب السابقة. هو يتحدث عن "انتصار واضح وقاطع" وعن "ردع وإنذار وحسم". براك لم يفهم بعد، أو أنه لم يحلل لنفسه، سبب عدم انتصارنا "القاطع" في حرب لبنان الاولى قبل عهد التقليصات، وإن كنا قد انتصرنا فيها فلماذا هربنا من لبنان، ولماذا لم ننتصر في حرب لبنان الثانية رغم تفوقنا العسكري الحاسم، ولماذا لم ننتصر حتى في غزة التي تستمر في اطلاق صواريخها علينا، ولماذا لا ينتصر الامريكيون في العراق وافغانستان مثلما لم يفعلوا في فيتنام، ومثلما لم ينتصر الروس في افغانستان والشيشان. وعموما متى سجلت دولة في رصيدها حسما عسكريا واضحا في الآونة الأخيرة؟ هل سنتوصل رغم أنوفنا الى الاستنتاج بأن براك هو شخص من الزمن الغابر؟.

لدي اقتراح قد يقلل من النفقات الضخمة المطلوبة: ربما يجدر التخلي عن التصريحات الصارخة وبذل الجهود الجدية بدلا منها للتفاوض مع سوريا؛ وربما يمكن رغم ذلك التوصل الى السلام معها، وسلاما علينا وعلى كل المنطقة. وعندها سيكون بامكاننا أن نوفر الكثير من المال، مئات المليارات، وايضا الكثير من الدم والدموع. - هآرتس 23/8/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required