مفتاح
2024 . الأحد 19 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


التحضيرات للمؤتمر الاقليمي المُزمع تتقدم الى الأمام على أفضل ما يرام كما يبدو للوهلة الاولى. رئيس الوزراء اهود اولمرت ورئيس السلطة محمود عباس يقتربان من الاتفاق على وثيقة مبادىء مشتركة. ولكن الاوضاع على الارض بقيت مرهقة مُتعبة كما كانت. في ظل الوضع القائم في مناطق الضفة وغزة، كل الأحاديث حول وثائق ومؤتمرات ومبادىء لا تساوي الكثير. يتوجب مشاهدة عناوين الوسائل الاعلامية العربية عموما، والاعلام الفلسطيني خصوصا، التي تتحدث يوميا عن القتلى والجرحى والأحداث التي تُعتبر مجازرا أو قتلا بدم بارد، وضم تقارير مجموعة نساء "محسوم ووتش" التي تتحدث عن التنكيل والاهانات – من اجل الادراك بأن المسافة بين الافعال والاقوال شاسعة جدا.

التركيز الحالي على بنود المبادىء – الحدود المؤقتة، أحياء القدس، ممر بين غزة والضفة، الحوض المقدس، الكتل الاستيطانية وعودة اللاجئين – يبدو الآن كتصفح للصفحات البالية في كتاب قديم. في السنوات التي مرت منذ اتفاق اوسلو قلّب ممثلو الجانبين هذه المسائل مرارا وتكرارا حتى الملل. قبل سبع سنوات اندلعت المجابهات الدموية في اطار انتفاضة الاقصى، وفي غضون ذلك مات عرفات مريضا أو اغتيالا وبُنيت جدران وأسوار فاصلة توشك على الانتهاء، وفي غزة فُرض حكم حماس غير المستعد للمساومة، وانقسم الوطن الفلسطيني الى شطرين. على هذه الخلفية تبدو أوراق كامب ديفيد 2000، ومعها وثائق طابا ومشروع كلينتون، كوصايا عتيقة جيدة للباحثين في التاريخ، وليس للسياسيين الذين ينبشون في الحاضر.

استطلاع للرأي نشره في نهاية الاسبوع "مركز القدس للصحافة والاعلام" بادارة غسان الخطيب الذي كان وزيرا للتخطيط في الحكومة الفلسطينية، يؤكد هذه الادعاءات. منذ أن اخطأت استطلاعات الرأي الفلسطينية في تقديراتها لنتائج الانتخابات البرلمانية، ولم تتوقع انتصار حماس الدراماتيكي، أصبح هناك ميل للتشكيك في مصداقية هذه الاستطلاعات، ولكن في هذه الحالة يتعلق الأمر بعدة نتائج لا يمكن التشكيك فيها. النتيجة الأبرز هي أن 94 في المائة من الفلسطينيين تقريبا يعارضون أية سيطرة اسرائيلية على الاقصى – لا في الأعلى ولا في الأسفل. النتيجة المثيرة الاخرى هي أن 82 في المائة من العينة لا يوافقون على بقاء الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الاسرائيلية. والأهم من كل ذلك: 70 في المائة تقريبا يؤيدون عودة كل اللاجئين الى وطنهم (أي الى داخل دولة اسرائيل)، وهم يرفضون أفكار التعويض وعودة جزء من اللاجئين أو حق العودة للدولة الفلسطينية فقط.

اذا قارنا هذه المعطيات وأشباهها بمعطيات الاستطلاعات التي جرت في الماضي، يكون من الواضح أن هناك تطرفا قد طرأ على مواقف الجمهور الفلسطيني. حقيقة أن عملية السلام قد فشلت، وأننا نمر في ازمات تترافق مع سفك دماء متواصل، وأن الضائقة الفلسطينية تتزايد، لم تحول الجمهور الفلسطيني الى أكثر اعتدالا بل بالعكس. الاستنتاج هو أن المشكلة لا تكمن في السياسيين الفلسطينيين وانما في الجمهور العريض. أي امكانية الضغط على أبو مازن وعلى أعوانه واقناعهم بالتنازل والتسوية، ولكن ذلك لن يُغير من الأمر شيئا. الأمر الضروري هو اقناع الشعب، ومن الممكن القيام بذلك من خلال الاقتصاد فقط.

في الاسبوع الماضي زُرت مع اصدقاء لي رئيس بلدية الخليل خالد عسيلة. عسيلة حدّثنا عن المشكلات التي يواجهها في إمدادات الكهرباء والمياه، وخصوصا البطالة المتزايدة في مدينته. الخليل كانت ذات مرة مركزا هاما لصناعات الاحذية المصدرة الى اسرائيل والخارج، والآن أدت البضائع الرخيصة المستوردة من الصين الى تدمير كل شيء. على حد قوله، جهاز الأمن الاسرائيلي سيُنهي عما قريب بناء الجدران والمعابر الحدودية في ترقوميا، وعندئذ ستنزل على رأس جبل الخليل ضربة قاضية لان عدد الشاحنات التي ستمر عبر حاجز ترقوميا يوميا سيقل بكثير. خالد عسيلة يناشد، ويتوسل تقريبا، حتى يُعطوه المزيد من تصاريح المرور للعمال حتى يعملوا في اسرائيل ويقول انه اذا لم يفعلوا ذلك فستصبح الخليل غزة رقم 2. بكلمات اخرى، طالما بقيت اسرائيل ترفع الأسوار والجدران وتحول الفلسطينيون الى أكثر فقرا – فان كل الأحاديث الجميلة والمزوقة حول مبادىء التسوية لا تساوي شيئا. - هآرتس 27/8/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required