مفتاح
2024 . الأحد 19 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ذلك اليوم الذي ستكون فيه لدى الجيش الاسرائيلي طائرات اف 35 "المراوغة" القادرة على الوصول الى ايران والعودة منها، ليس ببعيد. ليس بعيدا ذلك اليوم الذي ستصبح لدينا فيه سفن حاملة للصواريخ بعيدة المدى وجيش من الدبابات الأكثر تطورا في العالم، والذي يتزود فيه من أخمص قدمه حتى رأسه بالرادارات والاقمار الصناعية التي تُظهر لنا ما يشربه بشار الأسد في غليونه وهو جالس في قصره. ومع ذلك، لا تنجح اسرائيل هذه بقدراتها الكبيرة في مواجهة أكثر الاسلحة بدائية الموجودة لدى العرب.

في حرب الخليج أطلق العراق على اسرائيل 39 صاروخ سكاد، متقادمة مع رؤوس متفجرة يبلغ وزنها 250 كيلوغراما. أسطول كامل من الطائرات الامريكية ووحدات الكوماندو البريطانية والاقمار الصناعية التي تراقب من الجو مناطق اطلاق النار لم تنجح في كشف أو تدمير حتى قاعدة اطلاق متنقلة واحدة. في عملية "الحساب والعقاب" في عام 1993 بقي الجيش الاسرائيلي داخل لبنان، ولم ينجح اسحق رابين كوزير للدفاع، واهود براك كرئيس لهيئة اركانه في ايقاف اطلاق صواريخ الكاتيوشا على الجليل. ايضا في عملية "عناقيد الغضب" في عام 1996 لم ننجح في تخفيض مستوى اطلاق صواريخ الكاتيوشا وايقافه. هذا من دون أن نذكر حرب لبنان الثانية التي لم نتمكن فقط خلالها من ايقاف اطلاق الصواريخ والكاتيوشا، وانما تركنا وراءنا عدوا تمكن بعد عام من التسلح مرة اخرى بعشرين ألف صاروخ جديد من كافة الأنواع.

مع ماضٍ كهذا تحول صاروخ القسام الذي بدأ مسيرته الحربية كذبابة مزعجة، خلال السنوات السبع الأخيرة، الى جهنم بالنسبة لسكان سدروت. بدائية هذا السلاح تحولت الى نقطة قوة كبيرة بالنسبة له، فهو سهل الاطلاق وصعب على التشخيص؛ الجيش وجد نفسه عاجزا أمام ذلك. والعجز في الاغلب تمثل في الجلبة الناجمة عن ذلك والتي تفوق الضرر نفسه. ولكن مع الوقت وصل مدى هذا الصاروخ ودقته الى درجة أكبر وأخذ يغطي التجمعات السكانية اليهودية في غلاف غزة والى "الأهداف الاستراتيجية" في عسقلان نفسها. مع الوقت بدأت كمية أكبر من صواريخ القسام تنفجر في وسط مدينة سدروت. ومهما كانت هناك معجزات بقدرة القادر، إلا أنه من الواضح أن حدوث الاصابات المدمرة المباشرة لمدرسة مثلا، والتي تؤدي الى عدد كبير من الضحايا، هو مسألة وقت فقط.

إضراب المدارس في هذا الاسبوع والمظاهرة في القدس كانا خطوتين احتجاجيتين مبررتين جدا في مواجهة الاستخفاف الذي يتعامل فيه الجهازين الأمني والسياسي مع اطلاق الصواريخ المتواصل منذ سبع سنوات على سدروت. الخطأ الأساسي ارتُكب من قبل اريئيل شارون الذي لم يُبق في قطاع غزة قوة عسكرية مؤقتة بعد اخلاء المستوطنات في 2005، مُنتظرا ظهور طرف يتحمل المسؤولية هناك لتسليمه المفاتيح. حماس والجهاد ونصف دزينة من التنظيمات الارهابية ملأت هذا الفراغ. من الممكن التضامن مع السكان الغاضبين الذين يدّعون أنه لو كانت صواريخ القسام تسقط في رمات أفيف أو هرتسليا بيتوح، لحوّل الجيش الاسرائيلي بيت حانون ومحيطها الى أنقاض من الدمار منذ زمن طويل.

ولكن سدروت ايضا هي مدينة أساسية من مدن اسرائيل. والوضع الذي سلّمت به الدولة وقبلته، لا يُطاق. ليست هناك دولة في العالم توافق على قصف احدى مدنها يوميا طوال سبع سنوات من دون رد ساحق. اهود اولمرت قال علانية بأنه قد أمر الجيش الاسرائيلي "بالقضاء على القسام". هذا شعار جميل للصحف ولكنه ليس بسيطا اذا أخذنا في الحسبان ما حدث إثر الأمر السابق الذي صدر عنه في قضية لبنان.

براك قال ذات مرة أن الانتقام في منطقتنا هو نهج حياة، وأن من يتنازل عنه يفقد مكانته الاعتبارية. ولكن في هذه النقطة الزمنية ستضطر اسرائيل الى إبقاء تسوية الحسابات حتى تمكّن الجيش الاسرائيلي من اعادة تأهيل نفسه وبنائها بُعيْد فشل حرب لبنان الثانية، والى أن تُستنفد مساعي التسوية مع الفلسطينيين في قمة تشرين الثاني القادم.

الاقتراحات الهذيانية المتمثلة بقطع الكهرباء والمياه والوقود عن غزة طالما بقيت الصواريخ تُطلق منها وإخافة السكان هناك من خلال فرقعات اختراق حاجز الصوت، هي عقوبات جماعية تشير الى فقدان البوصلة. ممارسة الضغط على السكان لم تخفف أبدا من مواقف قادة الارهاب، لا بل تسببت في المقابل باثارة الرأي العالمي ضدنا.

في معسكر اليمين تتدحرج اقتراحات مختلفة. أحد هذه الاقتراحات هو زيادة كمية عمليات الاغتيال والقتل المستهدف ورفعها الى مستوى القيادة الأعلى (خالد مشعل مثلا)، أو القيام بقصف كثيف لـ "مصادر اطلاق النيران" الذي يعني المس بالتجمعات السكانية المدنية، لابعاد مدى القسام. ولكن تهديد وزير الدفاع بأن الجيش الاسرائيلي يقترب من عملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة، مفاجيء ومقلق في الأساس. ليس فقط لان المجلس الأمني الوزاري لم يقرر ذلك بعد، وانما لان هذه العملية هي من نوع الحروب التي يعرفون كيف يدخلون اليها، ولكنهم لا يعرفون الخروج منها. هذا هو الوقت الملائم للتحرك من الرأس وليس من البطن – لا يتوجب بأي شكل من الاشكال الوقوع في مصيدة الاجتياح البري لغزة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required